أو إشارة إلى المبتدأ ، ومنه قوله تعالى : (وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ) (١). في قراءة من رفع «لباسا» ، كأنّه قال : هو خير منه. ومنه قوله تعالى : (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (٢). أي : إنّ صبره.
أو تكون الجملة هي المبتدأ في المعنى ، نحو قولك : هجّيري أبي بكر لا إله إلّا الله ، فلا إله إلّا الله هي الهجّيري ، ومنه : «هو زيد قائم» ، إذا جعلت الضمير ضمير الأمر والشأن.
أو تكون الجملة «نعم» وفاعلها و «بئس» وفاعلها ، نحو : «زيد نعم الرجل» ، و «زيد بئس الرجل» ، وسنذكر السبب في أن لم يحتج في ذلك إلى ضمير يعود على المبتدأ. وزاد أبو الحسن في الروابط أن يكون في الجملة اسم ظاهر هو المبتدأ في المعنى وإن لم يكن من لفظه ، نحو : «زيد قام أبو عمرو» ، إذا كان «أبو عمرو» كنية لـ «زيد». واستدلّ على ذلك بقوله تعالى : (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) (٣). فـ «إنّ» وما بعدها خبر لـ «من» الأولى ولا ضمير فيها يعود عليها ، والمعنى عنده : فإنّ الله يضلّه. وبقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً) (٤). فقوله تعالى : (إِنَّا لا نُضِيعُ ،) إلى آخر الآية جملة في موضع خبر «إنّ» الأولى وليس فيها ضمير يعود على اسم «إنّ» ، والتقدير : إنّا لا نضيع أجرهم.
______________________
ـ المعنى : يتمنى لو أن طيور الغربان التي تصيح دائما بفراق المحبّين ميتة ، مذبوحة الأعناق.
الإعراب : ليت : حرف مشبّه بالفعل. الغراب : اسم (ليت) منصوب بالفتحة. غداة : مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالفتحة متعلق بالفعل (كان) أو (مقطع). ينعب : فعل مضارع مرفوع بالضمة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هو). دائما : ظرف لاستغراق الزمان منصوب بالفتحة متعلق بالفعل (ينعب). كان : فعل ماض ناقص. الغراب : اسم (كان) مرفوع بالضمّة. مقطّع : خبر (كان) منصوب بالفتحة. الأوداج : مضاف إليه مجرور بالكسرة.
وجملة «ليت الغراب ... كان الغراب مطلع» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «ينعب» : في محلّ جرّ مضاف إليه. وجملة «كان الغراب مقطّع» : في محلّ رفع خبر (ليت).
والشاهد فيه قوله : «ليت الغراب ... كان الغراب» حيث تكرر اسم «ليت» وهو «الغراب» ، في جملة خبر «ليت».
(١) الأعراف : ٢٦.
(٢) الشورى : ٤٣.
(٣) فاطر : ٨.
(٤) الكهف : ٣٠.