فإن قلت : فقول أبي القاسم : إعراب الأسماء رفع ونصب وخفض ولا جزم فيها ... الفصل. بيّن أنّ الإعراب إنما يقع على الحركات في اصطلاح النحويين لا على ما ذكرته من التغيير ، فالجواب : إنّه يريد بقوله : رفع ونصب وخفض المصادر لا أسماء الحركات ، كأنّه قال : رفعك أيها المتكلم ونصبك وخفضك ، وهو التغيير الذي ذكرنا. والدليل على أنّ مراده ذلك أنّ الرفع عنده قد يكون بالألف والواو ولا يسمّى واحد منهما رفعة ، وكذلك النصب قد يكون عنده بالياء وحذف النون ولا يسمّى شيء من ذلك نصبة ، ولذلك جعل النحويون الرفع والنصب والخفض والجزم ألقابا للإعراب ، أعني لكون المراد بها التغيير لا أسماء الحركات ، وكذلك الجزم لأنّ المراد به القطع لأن المجزوم يقتطع ، عند إعرابه ، حركة أو حرف من آخره. وجعلت ألقاب البناء الضم والفتح والكسر لأنّها ألقاب الحركات في نفسها والوقف لأنّه لقب لخلو الحرف من حركة ولا يفهم منها معنى تغيير.
[٢ ـ الأسماء المعربة والأسماء المبنية] :
وقوله : إعراب الأسماء وإعراب الأفعال يعني بذلك الأسماء المعربة والأفعال المعربة ، فحذف الصفة لفهم المعنى ، إذ لا يكون الإعراب إلا في معرب وحذف الصفة ، إذا فهم المعنى ، جائز. قال الله تعالى : (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) (١) ، (الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِ) (٢). والمعنى : من أهلك الناجين ، وبالحق البيّن ، ألا ترى أنّ ابن نوح من أهله وأنّ موسى عليهالسلام لم يجىء آخرا إلا بما جاء به أولا من تبليغ الأمر بذبح البقرة؟ فيجب لذلك أن يبيّن المعرب من الأسماء والأفعال.
أما الأسماء فمعربة كلّها إلا ما أشبه الحرف ، كالمضمرات والموصولات وأسماء الشرط فإنّها كلّها أشبهت الحرف في الافتقار ، لأنّ المضمر يفتقر إلى مفسر والموصولات تفتقر إلى صلات ، وأسماء الإشارة تفتقر إلى حاضر.
أو تضمّن معناه كأسماء الشرط فإنّها تضمّنت معنى «إن» الشرطية ، وأسماء الاستفهام فإنّها تضمّنت معنى همزة الاستفهام.
______________________
(١) هود : ٤٦.
(٢) البقرة : ٧١.