وكذلك المبتدأ إذا كان مصدرا قد سدّ مسدّ خبره الحال. وذلك نحو : «ضربي زيدا قائما» ، و «أكثر شربي السويق ملتوتا» ، و «أكثر ركوبي الفرس دارعا» ، و «أخطب ما يكون الأمير قائما» ، ألا ترى أنّ الأصل : إذا كان ملتوتا ، وإذا كان قائما ، وإذا كان دارعا ، ثم حذف الظرف الواقع خبرا وأنيب الحال منابه ، فلا يجوز في شيء من ذلك إظهار الخبر لئلا يكون جمعا بين العوض والمعوّض منه ، وذلك غير جائز.
وقسم يلزم فيه إثبات الخبر ، وذلك كلّ خبر لا يكون له لو حذف ما يدلّ عليه ، نحو : «زيد قائم» ، ألا ترى أنّك لو قلت : «زيد» ، وحذفت «قائما» من غير دليل عليه ، لم يدر هل أردت : زيد قائم أو ضاحك أو غير ذلك.
وكذلك خبر «ما» التعجبية في نحو : «ما أحسن زيدا»! لا يجوز حذفه وإن كان له ما يدلّ عليه بعد الحذف ، لأنّه كلام جرى مجرى المثل فلم يغيّر.
وقسم أنت في حذف خبره وإثباته بالخيار ، وهو ما عدا ما ذكرنا ممّا له دليل لو حذف ، نحو قولك في جواب من قال : «من القائم»؟ : زيد ، ألا ترى أنّ المعنى : زيد القائم. فحذفت «القائم» استغناء ، وإن شئت أثبتّ «قائم» ، فقلت : «زيد القائم».
[٦ ـ أقسام المبتدأ بالنسبة إلى الإثبات والحذف] :
والمبتدأ ينقسم بالنظر إلى الإثبات والحذف قسمين : قسم يلزم فيه إثبات المبتدأ وهو «ما» التعجبية ، نحو : «ما أحسن زيدا»! فـ «ما» مبتدأ ولا يجوز حذفها لأنّ التعجب جرى مجرى المثل كما تقدّم فلا يغير ، وكذلك كل مبتدأ لو حذف لم يكن عليه دليل.
وقسم أنت فيه بالخيار ، وهو كل مبتدأ لو حذف كان له ما يدلّ عليه ، نحو قولك : «المسك ، إذا شممت رائحته» ، تريد : هذا المسك ، وإن شئت أظهرت المبتدأ.
[٧ ـ أقسام المبتدأ بالنسبة إلى التقديم والتأخير] :
والمبتدأ والخبر ينقسمان بالنظر إلى التقديم والتأخير ثلاثة أقسام : قسم يلزم فيه تقديم المبتدأ ، وقسم يلزم فيه تقديم الخبر ، وقسم أنت فيه بالخيار. فالقسم الذي يلزم فيه تقديم