الثاني بعد الأول بمهلة ، فكأنّك قلت : «زيد ضربت رجلا» ، واستقل الكلام ثم أخبرت بعد ذلك بضربك للأخ. فإذا قلت : «زيد ضربت رجلا وأخاه» ، فليس كذلك لعدم المهلة في الواو ، كأنك قلت : «زيد ضربت رجلا مع أخيه» ، وكذلك البدل لأنّه على تقدير تكرار العامل ، فإذا قلت : «زيد ضربت عمرا أخاه» ، وجعلت «الأخ» بدلا ، فكأنّك قلت : «زيد ضربت عمرا ضربت أخاه» ، فتخلو الجملة التي هي في موضع الخبر من ضمير يعود على المبتدأ.
وقولنا : «ولو لم يعمل فيهما لعمل في الاسم الأول» ، مثال ذلك : «زيد ضربته» ، و «زيد ضربت أخاه» ، ألا ترى أنّ «ضربت» لو لم يعمل في الضمير ولا في «الأخ» لنصب «زيدا» ، فكنت تقول : «زيدا ضربت».
وقولنا : «أو في موضع الاسم المتقدّم» تحرّز من : «زيد قام» ، لأنّ زيدا لم يكن يرتفع هنا بالحمل على فعل مضمر لكون «قام» عامل في موضعه لو كان فيه ظرف أو مجرور أو حال ، ولو لم يعمل في موضعه لم يصح له أن يفسّر لأنّه لا يفسّر إلا ما يصحّ له العمل به إمّا في اللفظ ، وإمّا في الموضع ، إلّا أنّ الفعل إذا عمل في موضع الاسم ، لم يفسّر حتى يضاف إليه أمر آخر ، وهو أن يكون في الكلام ما يطلب الفعل كأدوات الاستفهام وشبهها ، مثال ذلك قوله تعالى : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ) (١). وإذا عمل في اللفظ لم يحتج إلى شيء من ذلك.
[٢ ـ حكم الاسم في الاشتغال] :
واعلم أنّ الاسم الذي يشتغل عنه العامل لا يخلو أن يتقدّمه شيء أو لا يتقدّمه ، فإن لم يتقدّمه شيء ، فلا يخلو أن يكون العامل في الضمير أو السببيّ رفعا أو نصبا أو جرّا ، فإن عمل فيه رفعا ، فالرفع على الابتداء ليس إلّا ، نحو : «زيد قام» ، و «زيد قام أخوه» ، وإن عمل نصبا أو خفضا جاز في الاسم وجهان : الرفع على الابتداء والنصب على إضمار فعل.
فالرفع على الابتداء أحسن لعدم تكلّف الإضمار ، والنصب في بعض هذه المسائل أقوى منه
______________________
(١) التوبة : ٦.