وإن كان العطف على جملة اسميّة ، كان الأمر على ما كان عليه قبل أن يتقدّم الاسم شيء بل يزيد حسنا للمشاكلة.
فإن كان العطف على جملة ذات وجهين ، فلا يخلو أن يقدّر العطف على الجملة الاسمية أو الفعلية ، فإن قدّرت العطف على الفعلية كان الاختيار الحمل على إضمار فعل ، فإن قدّرت العطف على الجملة الاسمية فالاختيار في الاسم أن يكون على حسبه لو لم يتقدّمه شيء.
[٣ ـ جملة الاشتغال] :
واختلف الناس في جملة الاشتغال إذا كانت معطوفة على جملة صغرى ، فمذهب السيرافي أنّه لا بد في الجملة في ضمير يعود على المبتدأ ، لأنّ الجملة الصغرى في موضع خبر المبتدأ ، فإذا عطفت عليها جملة الاشتغال كانت شريكتها في كونها خبرا للمبتدأ ، لأنّ المعطوف شريك المعطوف عليه. فلمّا كانت شريكتها ، احتيج فيها إلى رابط. لأنّ خبر المبتدأ إذا كان جملة احتيج فيها إلى رابط ، فلا يجوز : «زيد ضربته وعمرا أكرمته» ، على أن تقدّر «عمرا أكرمته» ، خبرا عن «زيد» حتى يكون في الجملة ضمير يعود على «زيد» يربطه بها ، فتقول : «زيد ضربته وعمرا أكرمته بسببه أو من أجله أو في داره» ، وشبه ذلك.
وهذا الذي ذهب إليه ليس بشيء ، لأنّ القراء قد أجمعوا على نصب «السماء» من قوله عزّ اسمه : (وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ) (١). مع أنّه ليس في رفعها ضمير يعود على (النَّجْمُ وَالشَّجَرُ) (٢). فإجماعهم على النصب دليل على بطلان قول من قال : إنّ النصب في هذا وأمثاله ضعيف.
وغيره من أئمة النحويين حكوا أنّ الاختيار في مثل هذا النصب ، ولم يشترطوا ضميرا ، فإن احتجّ عنه بأن قال : إنّ سيبويه لم يتعرّض لإصلاح اللفظ ، ونظير هذا قول أبي القاسم : لو قلت : «مررت به الكريم» ، على أن تجعله نعتا له لم يجز ولكن إن جعلته بدلا جاز ، وهو لا يجوز أن يكون نعتا ولا بدلا ، فلم يتعرّض لإصلاح اللفظ. فيقال له : هذا
______________________
(١) الرحمن : ٧.
(٢) الرحمن : ٦.