المسألتين الرفع كما كان لو لم تدخل عليه الهمزة و «ما».
فإن كان المتقدم حرفا لا يليه إلا الفعل ، والذي لا يليه إلّا الفعل قسمان : قسم يليه الفعل أبدا ظاهرا ، ولا يجوز غير ذلك مثل «السين» و «سوف» و «قد» وأشباهها ، وهذا القسم ليس له مدخل في هذا الباب. وقسم يليه الفعل ظاهرا ومضمرا ، مثل أدوات الجزاء وأدوات التحضيض وظرف الزمان المستقبل ، فإن الاسم بعدها لا يكون أبدا إلّا على إضمار فعل على حسب الضمير أو السببيّ ، نحو : «إن زيدا ضربته ضربتك» ، و «هلّا زيدا ضربته» ، و «إذا زيدا ضربته ضربك». وأدوات الجزاء إذا وقع بعدها الاسم والفعل فلا يليها الاسم إلا في ضرورة ، قال الشاعر [من الرمل] :
٢٣٩ ـ صعدة نابتة في حائر |
|
أينما الريح تميّلها تمل |
______________________
٢٣٩ ـ التخريج : البيت لكعب بن جعيل في خزانة الأدب ٣ / ٤٧ ؛ والدرر ٥ / ٧٩ ؛ وشرح أبيات سيبويه ٢ / ١٩٦ ؛ والمؤتلف والمختلف ص ٨٤ ؛ وله أو للحسام بن ضرار في المقاصد النحويّة ٤ / ٤٢٤ ؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب ٩ / ٣٨ ، ٣٩ ، ٤٣ ؛ وشرح الأشموني ٣ / ٥٨٠ ؛ وشرح المفصل ٩ / ١٠ ؛ والكتاب ٣ / ١١٣ ؛ ولسان العرب ٤ / ٢٢٣ (حير) ؛ والمقتضب ٢ / ٧٥ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ٥٩.
اللغة : الصعدة : القناة التي تنبت مستوية. الحائر : المكان الذي يكون وسطه منخفضا وحروفه مرتفعة عالية.
المعنى : شبه امرأة بقناة مستوية لدنة قد نبتت في مكان مطمئن الوسط مرتفع الجوانب والريح تعبث بها وهي تميل مع الريح.
الإعراب : «صعدة» : خبر لمبتدأ مرفوع بالضمة. «نابتة» : صفة مرفوعة بالضمة. «في حائر» : جار ومجرور بالكسرة متعلقان بـ «نابتة». «أينما» : اسم شرط جازم مبني على السكون في محل نصب ظرف زمان متعلق بـ «تمل». «الرّيح» : فاعل لفعل محذوف يفسره المذكور بعده. «تميلها» : فعل مضارع مجزوم وعلامة الجزم السكون ، و «ها» : ضمير متصل في محل نصب مفعول به ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هي. «تمل» : فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الشرط وعلامة الجزم السكون. والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هي.
وجملة «هي صعدة» : بحسب ما قبلها. وجملة «أينما الريح تميلها تمل» : في محل رفع صفة. وجملة «الريح وفعلها المحذوف» : في محل جرّ بالإضافة. وجملة «تميلها» : تفسيرية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة «تمل» : جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محلّ لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله : «أينما الريح تميّلها» : حيث وقع اسم مرفوع بعد أداة الشرط ، ووقع بعد هذا الاسم المرفوع فعل مضارع مجزوم ضرورة ، والاسم المرفوع هذا هو فاعل لفعل محذوف يفسره الفعل المتأخر ، وهذا الفعل المحذوف هو فعل الشرط.