فلم يحمل «أنت» على «علمك» ، لأنّه لو فعل ذلك لأدّى إلى تعدّي فعل المضمر المتّصل إلى ضميره المنفصل ، ألا ترى أنّك لو وضعت «أنت» موضع «علمك» لكان التقدير فإن لم ينفعك.
ولا يجوز أيضا حمله على الكاف في «ينفعك» لأنّه لو فعل ذلك لنصب ، فقال : «فإن إيّاك» ، فلم يبق إلّا أن يكون محمولا على إضمار فعل لفهم المعنى ، فتكون المسألة خارجة عن باب الاشتغال ، كأنّه قال : «فإن ظللت لم ينفعك علمك» ، فأضمر لفهم المعنى وبرز الضمير لمّا استتر الفعل ، فقال : «إن أنت».
فإن كان له ضميران ، فلا يخلو أن يكونا متّصلين ، أو منفصلين ، أو يكون أحدهما متّصلا والآخر منفصلا ، فإن كانا متّصلين ، فلا تجوز المسألة لما تقدّم من أنّ فعل الضمير المتّصل لا يتعدّى إلى مضمره المتّصل إلا في الأبواب المذكورة ، وإن كانا منفصلين حملت على أيّهما شئت ، نحو : «أزيد إيّاه لم يضربه إلّا هو».
وإن كان أحدهما متصلّا والآخر منفصلا ، حملت على المتّصل ، نحو : «أزيدا لم يضربه إلا هو» ، و «أزيد لم يضرب عمرو إلّا إيّاه»؟
وإن كان الفعل الذي اشتغل عن الاسم من الأفعال المستثناة ، فلا يخلو الاسم الذي
______________________
ـ المعنى : يقول : إذا لم تتّعظ بما علمت فتذكّر آباءك وأجدادك ، وفكّر في مصيرهم لعلّك تهتدي.
الإعراب : فإن : «الفاء» : بحسب ما قبلها ، و «إن» : حرف شرط جازم. أنت : ضمير منفصل في محلّ رفع فاعل لفعل محذوف يفسّره ما بعده تقديره : «فإن لم تنتفع». لم : حرف نفي وجزم وقلب. ينفعك : فعل مضارع مجزوم بالسكون ، و «الكاف» : ضمير متصل مبنيّ في محلّ نصب مفعول به. علمك : فاعل مرفوع ، وهو مضاف ، و «الكاف» : ضمير في محلّ جرّ بالإضافة. فانتسب : «الفاء» : رابطة جواب الشرط ، «انتسب» : فعل أمر مبنيّ على السكون ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : «أنت». لعلّك : حرف مشبّه بالفعل ، و «الكاف» : ضمير متّصل مبنيّ في محل نصب اسم «لعلّ». تهديك : فعل مضارع مرفوع ، و «الكاف» : ضمير متّصل مبنيّ في محلّ نصب مفعول به. القرون : فاعل مرفوع بالضمّة. الأوائل : نعت «القرون» مرفوع بالضمة.
وجملة «إن أنت» : بحسب ما قبلها. وجملة «لم ينفعك» : تفسيريّة لا محلّ لها من الإعراب. وجملة «انتسب» : في محلّ جزم جواب الشرط. وجملة «تهدي» : في محل رفع خبر «لعلّ». وجملة «لعلّك تهديك» : استئنافية لا محلّ لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله : «فإن أنت لم ينفعك» حيث وردت «أنت» في محلّ رفع فاعل لفعل محذوف يفسّره ما بعده تقديره : «إن لم تنتفع لم ينفعك علمك».