أي : أزال عن أن أكون صاحب نطاق وصاحب جواد ما أدام الله قومي. وما عدا ذلك من أفعال هذا الباب يستعمل موجبا ومنفيّا.
[٦ ـ أقسامها من ناحية تقديم أخبارها عليها] :
وهذه الأفعال تنقسم بالنظر إلى تقديم أخبارها عليها ثلاثة أقسام : قسم اتفق النحويون على جواز تقديم خبره عليه ، وقسم اتفق النحويون على امتناع تقديم خبره عليه ، وقسم فيه خلاف ، فمنهم من أجاز تقديم خبره عليه ، ومنهم من منع.
فالذي لا يجوز تقديم خبره عليه «ما دام» ، و «قعد» ؛ أما «ما دام» فلأنّ «ما» مصدرية فهي من قبيل الموصولات ولا تتقدّم الصلة على الموصول ، فلا يجوز أن تقول : «أقوم قائما ما دام زيد» ، تريد : أقوم ما دام زيد قائما.
وأمّا «قعد» فلأنّها لم تستعمل إلا في كلام جرى مجرى المثل فلا يغيّر عما استعمل عليه من تأخير الخبر ، وذلك : «شحذ شفرته حتى قعدت كأنّها حربة».
والذي فيه خلاف «ليس» ، و «ما زال» ، و «ما انفك» ، و «ما فتىء» ، و «ما برح». فالمانع من تقديم خبر «ليس» أنّ من كان مذهبه فيها أنّها حرف استدل بأنّ معمول الحرف لم يقدّم على الحرف في موضع من المواضع ، وأنّ من كان مذهبه أنّها فعل استدلّ بأنّ الفعل إذا لم يتصرّف في نفسه لم يتصرّف في معموله ، دليل ذلك في التعجب : «ما أحسن زيدا»! لا يجوز : «زيدا ما أحسن» ، ولا «ما زيدا أحسن» ، والذي يجيز التقديم احتجّ بالسماع ، ولو لا
______________________
ـ الإعراب : «وأبرح» : الواو بحسب ما قبلها ، «أبرح» : فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر تقديره «أنا». «ما» : حرف مصدري. «أدام» : فعل ماض. «الله» : اسم الجلالة فاعل مرفوع بالضمّة. «قومي» : مفعول به منصوب ، وهو مضاف ، والياء ضمير متّصل في محلّ جرّ بالإضافة. والمصدر المؤول من «ما» وما بعدها في محل نصب مفعول فيه ظرف زمان متعلق بـ «أبرح». «بحمد» : جار ومجرور متعلّقان بـ «أبرح» ، أو بفعل محذوف تقديره : «أحمد بحمد» ، أو بـ «منتطقا» ، وهو مضاف. «الله» : اسم الجلالة ، مضاف إليه مجرور. «منتطقا» : خبر «أبرح». «مجيدا» : خبر ثان لـ «أبرح» أو مفعول به لـ «منتطقا» حسب المعنى الأوّل ، والأصل فيه : صفة لموصوف محذوف تقديره : «لا أبرح جانبا فرسا مجيدا».
وجملة : «أبرح ...» بحسب ما قبلها. وجملة : «أدام ...» صلة الموصول الحرفي لا محل لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله : «وأبرح» حيث أورده بدون نفي أو شبه نفي ، وهذا شاذّ لأنّه غير مسبوق بقسم.