ولم يقل : «لئن كأنه» ، وإنّما كان الأفصح انفصاله لأنّه في الأصل خبر المبتدأ ، فكما أنّ خبر المبتدأ منفصل فكذلك هو في هذا الباب
وقد يشبه الخبر في هذا الباب المفعول ، فيتّصل كما يتّصل ضمير المفعول ، وعليه قوله [من الطويل] :
٢٦٤ ـ [دع الخمر يشربها الغواة فإنّني |
|
رأيت أخاها مغنيا بمكانها] |
فإن لا يكنها أو تكنه فإنّه |
|
أخوها غذته أمّه بلبانها |
وقد حكي من كلامهم : «عليه رجلا ليسني».
وزعم ابن الطراوة أنّ اتصاله هو الأفصح ، وهو مخالف لما حكاه سيبويه عن العرب.
______________________
ـ المعنى : يقول : لئن كان هو الشخص الذي كنّا نعرفه؟! لقد تغيّر ، والدهر قد يغيّر الإنسان ، ويبدّل أحواله.
الإعراب : «لئن» : اللام الموطئة للقسم ، و «إن» : حرف شرط جازم. «كان» : فعل ماض ناقص ، وهو فعل الشرط. واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره «هو». «إيّاه» : ضمير منفصل مبنيّ في محلّ نصب خبر «كان». «لقد» : اللام رابطة لجواب القسم ، و «قد» : حرف تحقيق. «حال» : فعل ماض وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : «هو». «بعدنا» : ظرف زمان منصوب متعلّق بـ «حال». و «نا» : في محلّ جرّ بالإضافة. «عن العهد» : جار ومجرور متعلّقان بـ «حال». «والإنسان» : الواو حالية ، و «الإنسان» مبتدأ مرفوع. «قد» : حرف تقليل. «يتغيّر» : فعل مضارع مرفوع بالضمة وفاعله ... «هو».
وجملة «أقسم» المحذوفة ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة : «حال ...» الفعلية لا محلّ لها من الإعراب لأنّها جواب القسم. والجملة الشرطية «إن كان ...» مع الجواب المحذوف اعتراضية بين القسم وجوابه ، لا محل لها من الإعراب. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه جواب القسم. وجملة : «الإنسان قد يتغيّر» الاسميّة في محلّ نصب حال. وجملة «يتغيّر» الفعليّة في محلّ رفع خبر المبتدأ.
الشاهد فيه قوله : «لئن كان إياه» حيث جاء خبر «كان» ضميرا منفصلا ، والأكثر أن يكون كذلك.
٢٦٤ ـ التخريج : البيتان لأبي الأسود الدؤلي في ديوانه ص ١٦٢ ، ٣٠٦ ؛ والبيت الثاني مع نسبته في أدب الكاتب ص ٤٠٧ ؛ وإصلاح المنطق ص ٢٩٧ ؛ وتخليص الشواهد ص ٩٢ ؛ وخزانة الأدب ٥ / ٣٢٧ ، ٣٣١ ؛ والرد على النحاة ص ١٠٠ ؛ وشرح المفصل ٣ / ١٠٧ ؛ والكتاب ١ / ٤٦ ؛ ولسان العرب ١٣ / ٣٧١ (كنن) ، ٣٧٤ (لبن) ؛ والمقاصد النحوية ١ / ٣١٠ ؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني ١ / ٥٣ ؛ والمقتضب ٣ / ٩٨ ؛ والمقرب ١ / ٩٦.
اللغة : فإن لا يكنها : أي فإلا يكن أخو الخمر هو الخمر. أو تكنه : أي أو تكن الخمر هي أخاها.
فاسم «يكن» الأولى ضمير مستتر يعود على الأخ ، والضمير البارز المنصوب العائد إلى الأخ هو خبرها.
المعنى : دعك من هذا الإثم يرتكبه السفهاء من الناس ؛ فإني وجدت أخا الخمر ، أي العنب أو ـ