فزاد «كان» بين حرف الجر والمجرور. وحكي من كلامهم : «ولدت فاطمة بنت الخرشب الكملة من بني عبس لم يوجد كان أفضل منهم».
وفي «كان» هذه خلاف بين السيرافي والفارسيّ. فمذهب الفارسيّ أنّ فاعلها مضمر فيها وهو ضمير المصدر الدالّ عليه الفعل الذي هو «كان» ، كأنّك قلت : كان هو ، أي : كان الكون ، ويعني بالكون كون الجملة التي تزاد فيها.
ومذهب السيرافي أنّها لا فاعل لها ، وحجته أنّ الفعل إذا استعمل استعمال ما لا يحتاج إلى فاعل استغنى عن الفاعل ، دليل ذلك أنّ «قلّما» فعل ، لكن لما استعملته العرب للنفي ، فقالت : «قلّما يقوم زيد» ، في معنى : ما يقوم زيد ، لم تحتج إلى فاعل ، كما أن «ما» لا تحتاج إلى فاعل ، بل صارت بمنزلة الحروف التي تصحب الأفعال ، فتقول : «قلّما يقوم زيد» ، فكذلك «كان» ، لمّا زيدت للدلالة على الزمان الماضي صارت بمنزلة «أمس» ، فكما أنّ «أمس» لا يحتاج إلى فاعل فكذلك ما استعمل استعماله. فإن قيل : فقد حمل الخليل قوله [من الوافر] :
٢٦٨ ـ فكيف إذا مررت بدار قوم |
|
وجيران لنا كانوا كرام |
______________________
ـ الإعراب : «سراة» : مبتدأ مرفوع بالضمّة ، وهو مضاف. «بني» : مضاف إليه مجرور بالياء لأنّه ملحق بجمع المذكر السالم ، وهو مضاف. «أبي» : مضاف إليه مجرور بالياء لأنّه من الأسماء الستّة ، وهو مضاف. «بكر» : مضاف إليه مجرور بالكسرة. «تساموا» : فعل ماض مبني على الضم على الألف المحذوفة ، والواو : ضمير متصل في محل رفع فاعل ، والألف : للتفريق. «على» : حرف جرّ. «كان» : زائدة. «المسوّمة» : اسم مجرور ، والجار والمجرور متعلّقان بـ «تساموا». «العراب» : نعت «المسوّمة» مجرور بالكسرة.
وجملة : «سراة بني أبي بكر تساموا» ابتدائيّة لا محلّ لها من الإعراب. وجملة : «تساموا» في محلّ رفع خبر المبتدأ.
الشاهد فيه قوله : «على كان المسوّمة» حيث زاد «كان» بين الجار والمجرور.
٢٦٨ ـ التخريج : البيت للفرزدق في ديوانه ٢ / ٢٩٠ ؛ والأزهية ص ١٨٨ ؛ وتخليص الشواهد ص ٢٥٢ ؛ وخزانة الأدب ٩ / ٢١٧ ، ٢٢١ ، ٢٢٢ ؛ وشرح الأشموني ١ / ١١٧ ؛ وشرح التصريح ١ / ١٩٢ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٦٩٣ ؛ والكتاب ٢ / ١٥٣ ؛ ولسان العرب ١٣ / ٣٧٠ (كنن) ؛ والمقاصد النحويّة ٢ / ٤٢ ؛ والمقتضب ٤ / ١١٦ ؛ وبلا نسبة في أسرار العربيّة ص ١٣٦ ؛ والأشباه والنظائر ١ / ١٦٥ ؛ وأوضح المسالك / ٣٥٨ ؛ وشرح ابن عقيل ص ١٤٦ ؛ والصاحبي في فقه اللغة ص ١٦١ ؛ ولسان العرب ١٣ / ٣٦٧ (كون) ؛ ومغني اللبيب ١ / ٢٨٧.
المعنى : يتساءل الشاعر كيف يستطيع أن يمنع دموعه من الانهمار وقد تذكّر جيرانه الكرام. ـ