[٧ ـ تخفيف هذه الحروف] :
وهذه الحروف يجوز تخفيف مضعّفها سوى «لعلّ» فإنها لم يسمع فيها التخفيف وما عدا ذلك من مضاعفها فقد سمع فيه التخفيف.
فأما «لكنّ» إذا خفّفت لم يجز فيها إلا الإلغاء ، وذلك : «ما قام زيد لكن عمرو قائم» ، وإنّما لم تعمل إذا خففّت لأنّها يزول عنها الاختصاص الذي عملت به ، فيجوز أن تليها الأفعال. ألا ترى أنّه يجوز أن تقول : «ما قام زيد لكن قام عمرو».
وأما «أنّ» و «كأنّ» فإنّهما إذا خفّفا لا يجوز فيهما إلا الإعمال ، إلا أن اسمهما لا يكون إلا ظاهرا أو مضمرا محذوفا ، فتقول : «يعجبني أن زيدا قائم» ، و «كأن زيدا قائم» ، فإن قلت : «كأن زيد قائم» ، أو «يعجبني أن زيد قائم» ، فإن اسم «أن» و «كأن» محذوف تقديره : يعجبني أنه زيد قائم وكأنه زيد قائم.
وإنما التزم حذفه إذا كان مضمرا لأن المضمر يردّ الأشياء إلى أصولها ، فلو ظهر الاسم المضمر لوجب ردّ «أن» و «كأن» إلى أصولهما من التشديد.
فإن قيل : فما الدليل على أنّك إذا قلت : «يعجبني أن زيد قائم» ، أنّ اسم «أن» مضمر ، وهلّا كانت ملغاة؟
فالجواب : إنّ الذي يدلّ على أنّها معملة أنّ الموجب لعملها ، وهو الاختصاص ، موجود ، ألا ترى أنّه لا يليها فعل ، وإن وليها فالاسم مضمر ، نحو : «تحقّقت أن سيقوم زيد» ، التقدير : أنّه سيقوم زيد ، أي : أنّ الأمر سيقوم زيد ، إذ لو كانت من الحروف التي يجوز فيها أن يليها الفعل لم يلتزموا الفصل بينها وبين الفعل بالسين أو «سوف» أو «قد» في الإيجاب وب «لا» في النفي ، إلّا أن يكون الفعل غير متصرف ، نحو : «عسى» و «ليس» فإنّهما لا يفصلان إذ ذاك ، لشبههما بالأسماء ، فكأنّها لم يلها إلّا الاسم ، نحو قوله تعالى : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) (١) ونحو قوله : (وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ) (٢). ولا يجوز أن يليها الفعل من غير فاصل إلّا في ضرورة شعر.
______________________
(١) النجم : ٣٩.
(٢) الأعراف : ١٨٥.