[١١ ـ العطف على الاسم أو الخبر] :
وينبغي أن تعلم أنه لا يخلو أن تعطف في هذا الباب على الاسم أو على الخبر. فإن عطفت على الخبر كان المعطوف على حسب المعطوف عليه في الرفع ، نحو : «إنّ زيدا قائم وضاحك» ، و «كأنّ زيدا قاعد وضاحك».
وإن عطفت على الاسم فلا يخلو أن تعطف قبل الخبر أو بعده ، فإن عطفت قبل الخبر فالنصب ليس إلّا ، تقول : «إنّ زيدا وعمرا قائمان» ، وكذلك سائر أخوات «إنّ» إلّا فيما شذّ من ذلك ، فسمع فيه الرفع على الموضع ، فإنه يحفظ ولا يقاس عليه.
والذي سمع من ذلك : «إنّك وعمرو ذاهبان». فأما قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ ...) الآية (١). فإنّ من الناس من جعله من قبيل : «إنّك وزيد ذاهبان». فيكون قوله : والصابئون ، معطوفا على موضع اسم إنّ قبل دخولها فيكون من قبيل ما حمل فيه على المعنى قبل تمام الكلام ، ويكون قوله تعالى : «من آمن منهم» (٢) إلى آخر الآية جملة من شرط وجزاء في موضع خبر «إنّ».
فإن قيل : فكيف يقول : «من آمن منهم» ، والذين آمنوا لا يتصوّر التبعيض في حقّهم ، لأنّهم كلّهم مؤمنون؟ فالجواب : إنّه يتخرج ذلك على أن يكون معنى قوله : «من آمن منهم» ، من دام على الإيمان ، فيكون ذلك نظير قوله : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى) (٣). ألا ترى أن نفس الإيمان والتوبة وعمل الصالحات هو الهدى ، فدلّ ذلك على أن المعنى : ثم دام على الهدى.
وقد يجوز في هذا الوجه أن يكون : «من آمن منهم» بدلا من قوله : «والصابئون والنصارى» ، كأنّه قال : إن الذين آمنوا والذين هادوا ومن آمن من الصابئين والنصارى ، أو يكون «فلهم أجرهم» جملة في موضع الخبر.
والصحيح أنّه لا ينبغي أن تحمل الآية على ذلك ما أمكن حملها على ما هو أحسن منه ، وقد يتصوّر ذلك بأن يكون خبر «إنّ» محذوفا ويكون اسم «إنّ» : «الذين آمنوا» ، كأنه قال : إن الذين آمنوا لهم أجرهم عند ربّهم ، ويكون قوله : «والذين هادوا والصابئون
______________________
(١) المائدة : ٦٩.
(٢) المائدة : ٦٩.
(٣) طه : ٨٢.