أو ضمائر خفض وباطل أن تكون ضمائر نصب لأن الحروف إذا اتصل بها ياء المتكلم وكانت في موضع نصب اتصل بها نون الوقاية ، نحو : إنني وليتني ، وإن أدى ذلك إلى اجتماع الأمثال جاز حذف نون الوقاية ، فقلت : «إنّي» وإن لم يؤدّ إلى ذلك لم يجز حذف نون الوقاية إلا في ضرورة ، نحو قوله [من الوافر] :
كمنية جابر إذ قال ليتي |
|
أصادفه وأتلف بعض مالي (١) |
فلو كانت الياء ضمير نصب لكان «لولاني» ، فثبت أنّ الياء في موضع خفض ، وإذا ثبت ذلك في الياء حملت الكاف والهاء في «لولاك» و «لولاه» على ذلك.
وزعم الأخفش أن الكاف والهاء والياء مما وقع فيه ضمير الخفض المتّصل موقع ضمير الرفع المنفصل كما وقع ضمير الرفع المنفصل موقع ضمير الخفض فيما حكاه من قولهم : «ما أنا كأنت ولا أنت كأنا».
وهذا الذي ذهب إليه الأخفش فاسد ، لأن وقوع الضمير المتصل موقع المنفصل لا يجوز إلّا في ضرورة شعر ، نحو قوله [من البسيط] :
وما علينا إذا ما كنت جارتنا |
|
ألّا يجاورنا إلّاك ديّار (٢) |
يريد : إلّا إيّاك ، فأوقع ضمير النصب المتصل موقع ضمير المنفصل. فإذا كان وضع المتصل موضع المنفصل قبيحا مع أنهما من قبيل واحد من جهة أنّهما للنصب ، فالأحرى إذا كانا من بابين مختلفين ، وذلك بأن يكون المتصل ضمير خفض والمنفصل الذي وقع موقعه في موضع رفع.
فإن قيل : فإن «لو لا» لم تعمل في المظهر شيئا ، فكيف ساغ لها أن تعمل في المضمر؟ فالجواب : إنّه قد يعمل العامل في بعض الأسماء دون بعض ، ألا ترى أن «لدن» تنصب «غدوة» ، تقول : «لدن غدوة» ، ولا يجوز ذلك فيها مع غيرها من أسماء الزمان. فإذا وجد العامل قد يعمل في بعض الظاهرات دون بعض مع أنّها من جنس واحد ، فالأحرى أن يعمل في المضمر ولا يعمل في المظهر ، إذ هما جنسان مختلفان.
______________________
(١) تقدم بالرقم ٢٩٦.
(٢) تقدم بالرقم ٢٦٩.
جمل الزجاجي / ج ١ / م ٣١