فدل ذلك على أن ما زعم من أنّ النحويين إنّما أخذوا ذلك من قوله :
وكم موطن لولاي .......... |
|
البيت (١). |
فاسد.
وهذه الحروف تنقسم بالنظر إلى ما تجره ثلاثة أقسام :
قسم لا يجرّ إلا المضمر وهو «لو لا» ، وقد تقدم الاستدلال على ذلك. وقسم لا يجرّ إلّا الظاهر ، وهو هاء التنبيه ، وهمزة الاستفهام ، وقطع ألف الوصل في القسم ، وواو القسم وتاؤه ، وواو «رب» ، وفاؤها ، ومنذ ، ومذ ، وحتّى ، وكاف التشبيه. وجميع هذه لا تجرّ إلّا المظهر ولا تجرّ المضمر إلّا الكاف و «حتى» فإنّهما سمع ذلك فيهما في ضرورة الشعر.
فمما جاء من ذلك في الكاف قوله [من الرجز] :
٣٢٨ ـ فلا أرى بعلا ولا حلائلا |
|
كه ولا كهنّ إلّا حاظلا |
______________________
ـ مبنيّ في محل جرّ بحرف الجرّ ، وقيل : في محلّ رفع مبتدأ وخبره محذوف. هذا : «ها» : للتنبيه ، «ذا» : اسم إشارة مبني ، في محل نصب مفعول فيه. العام : بدل من «ذا» منصوب بالفتحة. لم : حرف جزم. أحجج : فعل مضارع مجزوم بالسكون وحرّك بالكسر مراعاة للرويّ ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره «أنا».
وجملة «لولاك لم أحجج» تفسيرية لا محل لها.
الشاهد فيه قوله : «لولاك» حيث اتصلت الكاف بـ «لو لا» على خلاف ما زعم المبرد.
(١) تقدم بالرقم ٣٢٥.
٣٢٨ ـ التخريج : الرجز لرؤبة في ديوانه ص ١٢٨ ؛ وخزانة الأدب ١٠ / ١٩٥ ، ١٩٦ ؛ والدرر ٥ / ٢٦٨ ، ٤ / ١٥٢ ؛ وشرح أبيات سيبويه ٢ / ١٦٣ ؛ وشرح التصريح ٢ / ٤ ؛ والمقاصد النحوية ٣ / ٢٥٦ ؛ وللعجاج في الكتاب ٢ / ٣٨٤ ؛ وليس في ديوانه ؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص ١٢٤ ؛ ورصف المباني ص ٢٠٤ ؛ وشرح الأشموني ٢ / ٢٨٦ ؛ وشرح ابن عقيل ص ٣٥٧ ؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٢٦٩ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ٣٠.
شرح المفردات : البعل : الزوج. الحلائل : ج الحليلة ، وهي الزوجة. حظله : منعه ، أو ضيّق عليه.
المعنى : يقول : ليس هناك زوج أو زوجات كحمار الوحش وأتنه ، وهو يضيّق عليهنّ ، ويحفظهنّ من كلّ عدوان. ـ