اسم الله تعالى ، وقد حكي دخولها على «الرب» ، قالوا : «تربّ الكعبة لأفعلن كذا» ، وذلك قليل جدا. وأما سائرها فإنّها بدل من باء القسم ، فلم تتصرف لذلك أيضا. وأما «من» فلا تجرّ إلّا «الربّ» ، وكذلك الميم المضمومة والمكسورة لا تجرّان إلا اسم الله تعالى. والسبب في ذلك أنّهما لم يتمكّنا في الجر لكونهما لم يستعملا إلّا في القسم. وأما «ربّ» وفاؤها ، وواوها ، فلا تجرّ إلّا النكرة.
وسبب ذلك أن المفرد بعدها في معنى «جميع» ، ولا يكون المفرد في معنى «جميع» إلّا نكرة. وأما إذا كان معرفة ، فلا يجوز ذلك فيه إلّا في ضرورة شعر ، نحو قوله [من الرجز] :
لا تنكروا الفضل وقد سبينا |
|
في حلقكم عظم وقد شجينا (١) |
يريد : في حلوقكم.
وما عدا ذلك من حروف الجر تجرّ كل ظاهر.
[٣ ـ أقسام حروف الجر] :
وحروف الجرّ أيضا تنقسم أربعة أقسام : قسم لا يستعمل إلّا حرفا ، وقسم يستعمل حرفا واسما ، وقسم يستعمل حرفا وفعلا ، وقسم يستعمل حرفا واسما وفعلا.
فالذي يستعمل حرفا واسما «مذ» ، و «منذ» ، و «عن» ؛ أما «مذ» ، و «منذ» فيكونان اسمين إذا ارتفع ما بعدهما ، ويكونان حرفين إذا انجر ما بعدهما ، على ما نبين في بابهما إن شاء الله تعالى. وأمّا «عن» فتكون اسما إذا دخل عليها حرف الخفض نحو قولهم : جلس من عن يمينه. قال الشاعر [من البسيط] :
٣٣١ ـ فقلت للرّكب لمّا أن علا بهم |
|
من عن يمين الحبيّا نظرة قبل |
______________________
(١) تقدم بالرقم : ٧.
٣٣١ ـ التخريج : البيت للقطامي في ديوانه ص ٢٨ ؛ وأدب الكاتب ص ٥٠٤ ؛ وشرح المفصل ٨ / ٤١ ؛ ولسان العرب ١٣ / ٢٩٥ (عنن) ، ١٤ / ١٦٣ (حبا) ؛ والمقاصد النحوية ٣ / ٢٩٧ ؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص ٥٥ ؛ والجنى الداني ص ٢٤٣ ؛ وجواهر الأدب ص ٣٢٢ ؛ ورصف المباني ص ٣٦٧ ؛ والمقرب ١ / ١٩٥.
اللغة : الركب : جماعة الراكبين المسافرين. الحبيّا : موضع بالشام. نظرة قبل : نظرة أولى لم تسبقها نظرة. ـ