وهذا كله عندنا لا حجة فيه لأنّه شعر ، والكاف عندنا قد تكون اسما في الشعر على أن الكاف قد يمكن أن تكون في جميع ما ذكر حرف ، ويحمل جميع ذلك على حذف الموصوف لفهم المعنى ، وإقامة الصفة مقامه وإن لم تكن مختصّة ، فكأنه قال : ناه كالطعن ، وفاخر كفاخر ضعيف ، وبفرس كابن الماء ، وبفرس كالهراوة ، ومثل شيء كعصف إلّا أن ذلك أيضا ضرورة. فلذلك تكافأ الأمران.
على أن حذف المخفوض وإقامة الصفة مقامه وهي غير مختصة قبيح جدا ، نحو [من الرجز] :
والله ما زيد بنام صاحبه |
|
ولا يخالط الليان جانبه (١) |
وهو في المرفوع أحسن لأنه عمدة فتقوى الدلالة عليه حتى كأنّك لم تحذف نحو قوله [من الوافر] :
كأنّك من جمال بني أقيش |
|
يقعقع خلف رجليه بشنّ (٢) |
يريد : كأنّك جمل من جمال بني أقيش ، فحذف «جملا» ، وأقام صفته مقامه.
والذي يستعمل حرفا وفعلا «خلا» في الاستثناء ، فتكون حرفا إذا انخفض ما بعدها ، وتكون فعلا إذا انتصب ما بعدها.
______________________
ـ ١٨٩ ؛ وشرح التصريح ١ / ٢٥٢ ؛ وشرح شواهد المغني ١ / ٥٠٣ ؛ والمقاصد النحوية ٢ / ٤٠٢ ؛ ولحميد الأرقط في الدرر ٢ / ٢٥٠ ؛ والكتاب ١ / ٤٠٨ ؛ وبلا نسبة في الجنى الداني ص ٩٠ ؛ وخزانة الأدب ٧ / ٧٣ ؛ ورصف المباني ص ٢٠١ ؛ وسرّ صناعة الإعراب ص ٢٩٦ ؛ وشرح الأشموني ١ / ١٥٨ ؛ ولسان العرب ٩ / ٢٤٧ (عصف) ؛ ومغني اللبيب ١ / ١٨٠ ؛ والمقتضب ٤ / ١٤١ ، ٣٥٠ ؛ وهمع الهوامع ١ / ١٥٠.
شرح المفردات : العصف : بقل الزرع.
المعنى : يقول أصبحوا كبقل أكل ولم يبق منه ما يستفاد منه.
الإعراب : «وصيّروا» : الواو : بحسب ما قبلها ، «صيروا» : فعل ماض للمجهول ، والواو ضمير في محلّ رفع نائب فاعل. «مثل» : مفعول به ثان. «كعصف» : الكاف : اسم مبني ، في محل جر مضاف إليه ، «عصف» : مضاف إليه مجرور. «مأكول» : نعت «عصف» مجرور بالكسرة وسكن للضرورة الشعريّة.
وجملة «صيروا» بحسب ما قبلها.
الشاهد فيه قوله : «مثل كعصف مأكول» حيث اعتبر الأخفش أن الكاف اسم.
(١) تقدم بالرقم ١١٥.
(٢) تقدم بالرقم ١١٤.