يوردا من قبيل ما يخرج عن الحرفية. وكذلك ينبغي أن يفعل لأن اللفظ إذا كان مستعملا في موضعين فصاعدا على معنى واحد سهل أن يعتقد أن المستعمل حرفا هو الذي استعمل غير حرف ، وإذا كان معناهما في الموضعين مختلفا لم يسهل ذلك فيه.
[٤ ـ ما تتعلق به حروف الجر] :
وحروف الجر لا بد لها مما تتعلّق به ظاهرا أو مضمرا ، إلا حروف الجر الزوائد ، نحو : «بحسبك زيد» ، وأمثاله. ألا ترى أن الباء ليس لها ما تتعلّق به. وكذلك «من» في نحو : «هل من أحد قائم»؟ ليس لـ «من» ما تتعلّق به. و «لو لا» من الحروف الزوائد ، نحو : «لولاك لأكرمت زيدا» ، ألا ترى أنّها ليس لها ما تتعلّق به. فإن قيل : فلعلّها تتعلّق بالفعل الذي هو جوابها.
فالجواب : إن ذلك لا يجوز لأن ما بعد اللام لا يعمل فيما قبلها ، لأنّها من حروف الصدور.
وكذلك الكاف في نحو : «جاءني الذي كزيد» ، ألا ترى أنّ المجرور الذي هو «زيد» ليس له ما يتعلق به ظاهرا ، إذ ليس في اللفظ ما يمكن أن يعمل فيه ، ولا مضمرا إذ لا يحذف ما يعمل في المجرور إذا وقع صلة إلا ما يناسب الحرف ، نحو : «جاءني الذي في الدار» ، تريد : الذي استقر في الدار. لأن «في» للوعاء والاستقرار مناسب للوعاء ، ولو قلت : «جاءني الذي في الدار» ، تريد : الذي ضحك في الدار وأكل في الدار ، لم يجز لأنّه ليس في الكلام ما يدلّ على ذلك ، فلا يمكن أن يكون المحذوف مع الكاف إلا ما يناسبها وهو التشبيه ، وأنت إذا قلت : «جاء الذي أشبه كزيد» ، لم يجز لأنّ «أشبه» لا تتعدّى بالكاف بل بنفسها.
وأيضا فإنّ العرب لم تلفظ بالشبه ولا بما تصرّف منه مع الكاف في موضع أصلا ، فدلّ ذلك على أن الكاف لا يتعلّق بشيء كـ «لو لا».
وما بقي من حروف الجر فلا بد له من عامل ظاهر أو مضمر.