[٥ ـ المعرب بالحروف] :
والخلاف الذي في حروف العلة هو : هل هي من علامات الإعراب أم لا؟ ومواقع هذه الحروف إنما هي في الأسماء الستة والتثنية وجمع المذكر السالم. فأول ما أذكر الأسماء الستة.
اعلم أنّ الناس فيها على ستة مذاهب ، منهم من ذهب إلى أنّها معربة بالحروف (١) ، ومنهم من ذهب إلى أنّها معربة بالحركات التي قبل الحروف والحروف إشباع (٢) ، ومنهم من ذهب إلى أنّها معربة بالحركات التي قبل الحروف والحركات منقولة من الحروف (٣) ، ومنهم من ذهب إلى أنّها معربة بالحركات والحروف معا (٤) ، ومنهم من ذهب إلى أنّها معربة بالحركات المقدّرة في الحروف (٥). ومنهم من ذهب إلى أنّها معربة بالتغيير والانقلاب (٦).
فأما من ذهب إلى أنّها معربة بالحروف فمذهبه فاسد ، لأن الإعراب زائد على الكلمة ، ومن جملة هذه الأسماء : فوك وذو مال ، فيؤدي ذلك إلى بقائهما على حرف واحد ، واسم معرب على حرف واحد لا يوجد في كلام العرب. وأيضا فإن في ذلك خروجا عن النظائر ، لأنّ نظائرها من الأسماء المفردة إنما تعرب بالحركات.
وأما من ذهب إلى أنّها معربة بالحركات التي قبل الحروف والحروف إشباع ، فمذهبه فاسد ، لأنّ الإشباع زائد على الكلمة فيؤدّي ذلك إلى بقاء : فيك وذي مال ، على حرف واحد ، وأيضا فإنّ الإشباع لا يجوز إلّا في ضرورة الشعر ، فإشباع الواو [من البسيط] :
٢٢ ـ الله يعلم أنّا في تلفّتنا |
|
يوم الفراق إلى أحبابنا صور |
وأنني حيثما يثني الهوى بصري |
|
من حيثما سلكوا أدنو فأنظور |
______________________
(١) هذا رأي قطرب والفرّاء والزياديّ. انظر : أسرار العربية ص ٥٢.
(٢) هذا رأي المازني. انظر المسألة الثانية من مسائل الإنصاف في مسائل الخلاف. ص ١٧.
(٣) ذهب إلى ذلك الربعيّ في الرفع والجر ، وقال : إن الحركة في النصب أصلية ليست منقولة. انظر المسألة الثانية من مسائل الإنصاف في مسائل الخلاف.
(٤) هذا رأي الكوفيين. انظر : الإنصاف في مسائل الخلاف ، المسألة الثانية. ص ١٧.
(٥) ذهب إلى ذلك أبو الحسن الأخفش في أحد قوليه. انظر المسألة الثانية من مسائل الإنصاف في مسائل الخلاف. ص ١٧.
(٦) هذا رأي أبو عمر الجرميّ. انظر : أسرار العربية ص ٥٢.
٢٢ ـ التخريج : البيتان أو الأول منهما لابن هرمة في ملحق ديوانه ص ٢٣٩ ؛ وبلا نسبة في أسرار العربيّة ص ٤٥ ؛ والأشباه والنظائر ٢ / ٢٩ ؛ والجنى الداني ص ١٧٣ ؛ وخزانة الأدب ١ / ١٢١ ، ٧ / ٧ ، ٨ / ٢٢٠ ، ٣٧٣ ؛ والدرر ٦ / ٢٠٤ ؛ ورصف المباني ١٣ / ٤٣٥ ؛ وسرّ صناعة الإعراب ١ / ٢٦ ، ٣٢٨ ، ٢ / ٦٣٠ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٨٥ ؛ والصاحبي في فقه اللغة ص ٥٠ ؛ ولسان العرب ١٤ / ٤٣٠ ـ