وإن كان ما بعدها جزءا مما قبلها ، فلا يخلو أن تقترن به قرينة تدلّ على أنّه داخل مع ما قبلها في المعنى ، أو خارج عنه ، أو لا تقترن به قرينة أصلا.
فإن اقترنت به قرينة كان المعنى على حسبها. فإذا قلت : «صمت الأيام حتى يوم الفطر» ، كان يوم الفطر غير داخل في الصوم ، لأنّ يوم الفطر لا يجوز صيامه ، وإذا قلت : «صمت الأيام حتى يوم الخميس صمته» ، فقولك : صمته ، يدل على أنّ يوم الخميس داخل مع ما قبله من الأيام في الصيام.
فإن لم تقترن به قرينة كان داخلا فيما قبله ، وذلك نحو قولك : «صمت الأيام حتى يوم الخميس» ، فيوم الخميس داخل مع ما تقدمه من الأيام في الصيام.
وإنّما كان ـ إذا لم تقترن به قرينة ـ على ما ذكرنا من دخول ما بعدها في معنى ما دخل فيه ما قبلها ، لأنّه إذا اقترنت به قرينة كان الأكثر في كلامهم أن يكون ما بعدها داخلا فيما قبلها ، فحمل ـ إذا لم تقترن به قرينة ـ على الأكثر. وأيضا فإنّهم جعلوها جارة بمنزلتها عاطفة ، فكما أنّها إذا كانت عاطفة شركت ما بعدها مع ما قبلها ، فكذلك يكون ما بعدها إذا كانت جارة إلّا أن يقترن به قرينة تبيّن أنّها بخلاف ذلك.
[٩ ـ معاني «إلى»] :
وأما إلى فإنّها أيضا لا يخلو أن تقترن قرينة بما بعدها أو لا تقترن. فإن اقترنت به قرينة تدل على أنه داخل فيما قبلها أو خارج عنه كان على حسب القرينة. وذلك نحو قولك : «اشتريت الشقّة إلى طرفها (١). والطرف داخل في الشراء لأنّ العادة قد جرت بأن لا يشتري الإنسان شقّة من غير أن يكون الطرف داخلا في الشراء.
وكذلك قوله : «اشتريت الفدّان إلى الطريق» ، فالطريق غير داخل في الشراء لأنّه معلوم أنّ الطريق ليس مما يباع.
فإن لم تقترن به قرينة فإنّ ذلك خلافا بين النحويين ، فمنهم من ذهب إلى أنّ ما بعدها داخل فيما قبلها ، ومنهم من ذهب إلى أنّ ما بعدها غير داخل فيما قبلها ، وذلك نحو قولك :
______________________
(١) الشقّة : القطعة المشقوقة من خشب أو نحوه ، والثياب المستطيلة ، وجنس من الثياب.