عليه لأن «ربّ» كا تقدم إنّما تكون جوابا ، فكأن قائلا قال : هل لقيت رجلا عالما ، فتقول : «رب رجل عالم» ، وتحذف «لقيت» لفهم المعنى.
وإنّما لزم المخفوض بها الصفة لأنّها للتقليل ، والجنس في نفسه ليس بقليل ، وإنّما يقل بالنظر إلى صفة ما. وقد تحذف الصفة إذا تقدّم ما يدلّ عليها ، نحو قوله [من الطويل] :
ويا ربّ يوم قد لهوت وليلة |
|
بآنسة كأنّها خطّ تمثال (١) |
يريد : وليلة قد لهوت ، فحذف «قد لهوت» لدلالة ما تقدّم عليه ، فأما قول الأعشى [من الخفيف] :
٣٥٧ ـ ربّ رفد هرقته ذلك اليوم |
|
وأسرى من معشر أقيال |
فيحتمل ثلاثة أوجه ، أحدها : أن يكون «من معشر أقيال» في موضع الصفة ، كأنه قال : وأسرى كائنين من معشر أقيال.
والآخر : أن يكون حذف الصفة لدلالة ما تقدم عليها وهو «هرقته» ، كأنه قال : وأسرى من معشر أقيال أخذتهم ، لأنّ هراقته للرفد أخذ له في المعنى. والثالث : أن يكون من
______________________
(١) تقدم بالرقم ٣٥٤.
٣٥٧ ـ التخريج : البيت للأعشى في ديوانه ص ٦٣ ؛ وخزانة الأدب ٩ / ٥٧٠ ، ٥٧٥ ، ٥٧٦ ؛ والدرر ١ / ٧٩ ؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٢١٥ ؛ وشرح المفصل ٨ / ٢٨ ؛ ولأعشى همدان في المقاصد النحوية ٣ / ٢٥١.
اللغة : رفد : دلو. القيل : الملك.
الإعراب : رب : حرف جر شبيه بالزائد. رفد : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ ، وخبره محذوف تقديره موجود. هرقته : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بالتاء المتحركة ، و «التاء» : ضمير متصل في محل رفع فاعل و «الهاء» : ضمير متصل في محل نصب مفعول به. ذلك : اسم إشارة في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلق بالفعل (هرقته) ، و «اللام» : للبعد ، و «الكاف» : للخطاب. اليوم : بدل منصوب بالفتحة الظاهرة. وأسرى : «الواو» : واو «ربّ» حرف عطف ، «أسرى» : اسم مجرور بالكسرة المقدرة على الألف للتعذر ، لفظا مرفوع محلا. من معشر : جار ومجرور متعلقان بصفة محذوفة لـ أسرى. أقيال : صفة «أقيال» مجرورة بالكسرة الظاهرة.
وجملة «ورب رفد هرقته» : ابتدائية لا محل لها. وجملة «هرقته» : في محل رفع صفة رفد.
والشاهد فيه : أوضحه المؤلف في المتن.