يريد : يفيض بالقداح.
وهذا لا حجّة فيه لأنّه قد يضمّن يفيض معنى يحمل على القداح ، وقد يتصوّر أن يتعلق «على القداح» بـ «يصدع» ، لأنه قد حكي أنّ «يصدع» يكون بمعنى يصيح ، فكأنّه قال : يصيح على القداح ، ثم قدّم ضرورة.
وزعم بعض النحويين أنّها تكون أيضا بمعنى «في» ، واستدلّ على ذلك بقوله تعالى : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ) (١) ، المعنى : في ملك سليمان ، لأنّ «يتلو» بمعنى «يقول» ، فكأنّه قال : ما تقول الشياطين في ملك سليمان ، وهذا لا حجة فيه ، لأنّه يمكن أن تجعل «تتلو» في معنى «تتقوّل» ، لأنّ ما تلته باطل فهو تقوّل ، و «تقوّل» تصل بـ «على» ، قال الله تعالى : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ) (٢). فكأنّه قال : ما تتقوّل الشياطين على ملك سليمان.
[١٢ ـ معاني «في»] :
وأما في فتكون للوعاء نحو قولك : المال في الكيس ، و «زيد في الدار» ، وزعم بعض النحويين أنّها تكون بمعنى «على» ، واستدل على ذلك بقوله تعالى : (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ
______________________
ـ اللغة : ربابة : الخرقة التي تجمع فيها قداح الميسر. اليسر : الذي يضرب بالقداح في الميسر. يصدع : يصيح بأعلى صوته.
الإعراب : فكأنهن : «الفاء» : بحسب ما قبلها ، «كأن» : حرف مشبه بالفعل ، «هن» : ضمير متصل في محل نصب اسم كأن. ربابة : خبر كأن مرفوع بالضمة. وكأنه : «الواو» : حرف عطف ، «كأن» : حرف مشبه بالفعل ، و «الهاء» : ضمير متصل في محل نصب اسم كأن. يسر : خبر كأن مرفوع بالضمة. يفيض : فعل مضارع مرفوع بالضمة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر جوازا تقديره (هو). على القداح : جار ومجرور متعلقان بالفعل يفيض. ويصدع : «الواو» : حرف عطف ، «يصدع» : فعل مضارع مرفوع بالضمة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر جوازا تقديره (هو).
وجملة «كأنهن ربابة» : بحسب الواو. وجملة «كأنه يسر» : معطوفة على سابقتها. وجملة «يفيض» : في محل رفع صفة. وجملة «يصدع» : معطوفة على جملة في محل رفع صفة.
والشاهد فيه قوله : «على القداح» حيث جاءت «على» بمعنى «الباء» أي بالقداح.
(١) البقرة : ١٠٢.
(٢) الحاقة : ٤٤.