باب الأفعال
[١ ـ أقسام الأفعال بالنسبة إلى الزمان] :
تنقسم بانقسام الزمان إلى ماض ومستقبل وحال. فأمّا الماضي والمستقبل فلا خلاف فيهما كما أنّه لا خلاف في زمنهما. فأما الحال ففيه خلاف بين النحويين فمنهم من أنكره ومنهم من أثبته ، والمنكرون له على قسمين : منهم من أنكره وأنكر زمانه ومنهم من أنكره وأثبت زمانه.
فحجّة من أنكر زمانه أن قال : أخبرونا عن زمن الحال أوقع أم لم يقع فإن وقع فهو ماض وإن لم يقع فهو مستقبل ، ولا سبيل إلى قسم ثالث.
فالجواب : إنّ زمن الحال لقصره يتعذّر الإخبار عنه لأنّه الزمن المتوهم الفاصل بين الماضي والمستقبل. فالسائل إذا عن الإخبار عن زمن الحال مع تعذّر الإخبار عنه بمنزلة من قال : أخبرونا عن العقل مثلا هل هو طويل أو قصير أو منحن أو مستقيم؟ والعقل لا يتصوّر الإخبار عنه بشيء من ذلك ، لأنه ليس بصفة له. وكذلك زمن الحال لا يتصور الإخبار عنه بالمضيّ ولا بالاستقبال لأنهما ليسا بصفتين له.
فإن قال قائل : فما الدليل على وجود زمن الحال؟ فالجواب أن يقال : إنّ الموجود في حال وجوده لا بدّ له من زمان ، والزمان منحصر في الماضي والمستقبل على ما زعمت وهما معدومان ، وموجود في حال وجوده في زمن معلوم لا يتصوّر ، فثبت بهذا زمن ثالث وهو زمن الحال.
ومن أنكر فعل الحال وأثبت زمانه احتجّ بأن قال : لو كان ثمّ فعل حال لكانت له بنية تخصه كالماضي والمستقبل ، لأنّ كلّ موجود لا بدّ له من بنية تخصه. وهذا غير لازم لأنه قد نجد من الموجودات ما ليس له بنية تخصه كالرائحة لأنها تقع على كلّ رائحة ولا تخصّ