ارتباط الكلام أن يقع في أمر متحد مرتبط أوله بآخره ، فإن وقع على أسباب مختلفة لم يشترط فيه ارتباط أحدهما بالآخر ـ قال ـ ومن ربط ذلك فهو متكلف بما لا يقدر عليه إلا بربط (١) ركيك يصان عن مثله (٢) حسن الحديث فضلا عن أحسنه ؛ فإن القرآن نزل في نيّف وعشرين سنة في أحكام مختلفة [ولأسباب مختلفة] (٣) ؛ وما كان كذلك لا يتأتى ربط بعضه ببعض ؛ إذ لا يحسن أن يرتبط تصرف الإله في خلقه وأحكامه بعضها (٤) ببعض ؛ مع اختلاف العلل والأسباب ؛ كتصرّف الملوك والحكام والمفتين ، وتصرف الإنسان نفسه بأمور متوافقة ومتخالفة (٥) ومتضادة. وليس لأحد أن [يطلب] ربط (٦) بعض تلك التصرفات مع بعض [مع] (٧) اختلافها في نفسها واختلاف أوقاتها». انتهى.
قال [بعض] (٧) مشايخنا المحققين : «قد وهم من قال : لا يطلب للآي الكريمة مناسبة ؛ لأنها على حسب الوقائع [المتفرقة. وفصل الخطاب أنها على حسب الوقائع] (٧) تنزيلا ، وعلى حسب الحكمة ترتيبا [وتأصيلا] (٨) ؛ فالمصحف كالصحف الكريمة على وفق ما في الكتاب المكنون ، مرتبة سوره كلها وآياته بالتوقيف. وحافظ القرآن العظيم لو استفتي في أحكام متعددة ، أو ناظر فيها ، أو أملاها لذكر آية كل حكم على ما سئل ، وإذا رجع إلى التلاوة لم يتل كما أفتى ، ولا كما نزل مفرقا ؛ بل كما أنزل (٩) جملة إلى بيت العزة. ومن المعجز البين أسلوبه ، ونظمه الباهر ، فإنه (كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ، ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) (هود : ١). قال : والّذي ينبغي في كلّ آية أن يبحث أوّل كلّ شيء عن كونها مكملة لما قبلها أو مستقلّة ، ثم المستقلّة ما وجه مناسبتها لما قبلها؟ ففي ذلك علم جمّ (١٠) ؛ وهكذا في السّور يطلب وجه اتصالها بما قبلها وما سيقت له».
قلت : وهو مبنيّ على أن ترتيب السّور توقيفيّ ؛ وهو (١١) الراجح [كما سيأتي] (١٢) ، وإذا
__________________
(١) في المطبوعة : (برباط) ، وانظر الإتقان ٣ / ٣٢٢.
(٢) في المطبوعة : (يصان عنه) وانظر الإتقان ٣ / ٣٢٣.
(٣) زيادة من المطبوعة ، وهي في الإتقان.
(٤) في المخطوطة : (بعضه).
(٥) في المخطوطة : (ومختلفة).
(٦) في المخطوطة : (أن يربط).
(٧) ساقطة من المخطوطة ، وهي من المطبوعة.
(٨) ساقطة من المطبوعة.
(٩) في المخطوطة : (نزل).
(١٠) في المخطوطة : (جز).
(١١) في المطبوعة (وهذا).
(١٢) زيادة من المطبوعة.