(فَصَلِ) أي دم عليها ؛ وفي مقابلة الرياء (لِرَبِّكَ) ، أي لرضاه لا للناس ، وفي مقابلة منع الماعون : (وَانْحَرْ) ؛ وأراد به التصدّق بلحم الأضاحي ؛ فاعتبر هذه المناسبة العجيبة.
وكذلك مناسبة فاتحة سورة الإسراء بالتسبيح ، وسورة الكهف بالتحميد ؛ لأن التسبيح حيث جاء مقدّم على التحميد ؛ يقال : سبحان الله ، والحمد لله. وذكر الشيخ كمال الدين الزّملكانيّ (١) في بعض دروسه مناسبة استفتاحهما (٢) بذلك ما ملخّصه : أن سورة بني إسرائيل افتتحت بحديث الإسراء ؛ وهو من الخوارق الدالّة على صدق رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأنه رسول من عند الله ، والمشركون كذّبوا ذلك وقالوا : كيف يسير في ليلة من مكة إلى بيت المقدس! وعاندوا (٣) وتعنّتوا وقالوا : صف لنا بيت المقدس ؛ فرفع له حتى وصفه لهم. والسبب في الإسراء أوّلا لبيت المقدس ، ليكون ذلك دليلا على صحّة قوله بصعود السموات ؛ فافتتحت بالتسبيح تصديقا لنبيّه فيما ادّعاه ؛ لأن تكذيبهم له تكذيب عناد. فنزه نفسه قبل الإخبار بهذا الذي كذّبوه [و] (٤) أمّا الكهف فإنه لما احتبس الوحي ، وأرجف الكفّار بسبب ذلك ، أنزلها الله ردا عليهم أنه (٥) لم يقطع نعمته (٦) عن نبيّه صلىاللهعليهوسلم ، بل أتمّ عليه بإنزال الكتاب ، فناسب افتتاحها بالحمد على هذه النعمة.
__________________
(١) كمال الدين الزّملكاني ، هذا اللقب يطلق على اثنين من العلماء أحدهما الجد والآخر حفيده ، واسم الجد عبد الواحد بن عبد الكريم بن خلف ، كمال الدين أبو المكارم بن خطيب زملكا. كان عالما خيّرا متميزا في علوم عدّة. ولي القضاء بصرخد ودرّس ببعلبك. وكانت له معرفة تامة بالمعاني والبيان ، وله فيه مصنف وله شعر حسن. وهو جد الشيخ كمال الدين محمد بن علي بن عبد الواحد الزملكاني. توفي سنة (٦٥١) في دمشق (السبكي ، طبقات الشافعية ٥ / ١٣٣) وله كتاب «التبيان في علم البيان المطلع على إعجاز القرآن» وسيأتي ذكر كتابه ضمن كلام الزركشي ، وكتاب «البرهان في إعجاز القرآن». وحفيده هو محمد بن علي بن عبد الواحد بن عبد الكريم أبو المعالي ، قاضي القضاة ، كمال الدين. ولد سنة (٦٦٧). قرأ الأصول على الشيخ صفي الدين الهندي والنحو على الشيخ بدر الدين بن مالك ولي قضاء حلب. وصنّف الرد على ابن تيمية في مسألتي الطلاق والزيارة وشرح من منهاج النووي قطعا متفرقة كان عالم العصر وكان من أذكياء أهل زمانه توفي سنة (٧٢٧) ودفن بجوار قبة الإمام الشافعي. (السبكي ، طبقات الشافعية ٥ / ٢٥١) ولم يتبين لنا من هو المعني هنا ، إذ لا قرينة ترجح أحدهما.
(٢) في المطبوعة (استفاحها).
(٣) في المطبوعة (وعددوا).
(٤) ساقطة من المطبوعة.
(٥) في المطبوعة (وأنه).
(٦) في المطبوعة (نعمه).