وإذا ثبت هذا بالنسبة إلى السّور ، فما ظنّك بالآيات وتعلّق بعضها ببعض! بل عند التأمّل يظهر أنّ القرآن كلّه كالكلمة الواحدة.
***
عدنا إلى ذكر ارتباط الآي بعضها ببعض. فنقول : ذكر الآية بعد الأخرى (١) ؛ إما أن يظهر الارتباط بينهما لتعلّق الكلام بعضه ببعض وعدم تمامه بالأولى فواضح ، وكذلك إذا كانت الثانية [للأولى] (٢) على جهة التأكيد والتفسير (٣) ، أو الاعتراض (٤) والتشديد ؛ وهذا القسم لا كلام فيه.
وإما ألاّ يظهر الارتباط ؛ بل يظهر أن كل جملة مستقلة عن الأخرى ، وأنها خلاف النوع المبدوء به. فإما أن تكون معطوفة على ما قبلها بحرف من حروف العطف المشترك في الحكم ، أولا :
القسم الأول (٥) :
أن تكون معطوفة ؛ [و] (٦) لا بد أن تكون بينهما جهة جامعة على ما سبق تقسيمه ؛ كقوله تعالى : (يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها) (الحديد : ٤). وقوله : (وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (البقرة : ٢٤٥) وفائدة العطف جعلهما كالنظيرين والشريكين.
[و] (٧) قد تكون العلاقة بينهما المضادة ؛ وهذا كمناسبة (٨) ذكر الرحمة بعد ذكر العذاب ، والرغبة بعد الرهبة. وعادة القرآن العظيم إذا ذكر أحكاما ذكر بعدها وعدا ووعيدا ؛ ليكون [ذلك] (٩) باعثا على العمل بما سبق ؛ تم يذكر آيات توحيد وتنزيه (١٠) ؛ ليعلم عظم الآمر والناهي. وتأمّل سورة البقرة والنساء والمائدة وغيرها تجده كذلك.
وقد تأتي الجملة معطوفة على ما قبلها وتشكل وجه الارتباط ؛ فتحتاج إلى شرح ؛ ونذكر
__________________
(١) في المخطوطة (بالأخرى).
(٢) زيادة من المطبوعة.
(٣) في المخطوطة (أو التفسير).
(٤) في المخطوطة (والاعتراض).
(٥) يأتي القسم الثاني بعد سبع صفحات.
(٦) زيادة من المطبوعة.
(٧) زيادة من المطبوعة.
(٨) في المخطوطة : (وهذا هو مناسبة).
(٩) زيادة من المطبوعة.
(١٠) في المطبوعة (التوحيد والتنزيه).