هذه هي البيئة السياسية والعلمية التي كان الإمام الزركشي يعيش فيها ، وما من شك في أن هذه البيئة كان لها أثر في تكوين شخصيته العلمية.
مولده ونشأته وطلبه للعلم
ولد الزركشي في القاهرة عام (٧٤٥ ه) (١) من أسرة تركية ، وكان أبوه مملوكيا ، تعلّم في حداثته صناعة الزركش ثم توجه في صغره لطلب العلم مخلصا في طلبه ، جادّا فيه ، فصادف بيئة علمية عامرة بالمدارس والعلماء ، زاخرة بدور الكتب الخاصة والعامّة ، حافلة بالمساجد الغاصّة بطلاب العلم والمعرفة الوافدين من شتى البلاد إلى مصر للاستفادة من علمائها ، فانتظم في حلقات الدروس ، وحفظ كتاب «المنهاج» (٢) للإمام النووي وهو كتاب في الفقه الشافعي ، وصار يلقب بالمنهاجي نسبة إليه.
ولازم حلقة الشيخ جمال الدين الإسنوي (٣) (ت ٧٧٢ ه) في المدرسة الكاملية ، وكان الإسنوي رئيس الفقهاء الشافعية بالديار المصرية فنهل من علمه ، وكان من أنجب تلاميذه وأذكاهم ، كما لازم الشيخ سراج الدين البلقيني (٤) (ت ٨٠٥ ه) والحافظ
__________________
(١) قال الحافظ ابن حجر في إنباء الغمر ٣ / ١٣٩ : رأيت بخطه ـ أنه ولد ـ سنة خمس وأربعين وسبعمائة.
(٢) كتاب «منهاج الطالبين وعمدة المفتين» للإمام النووي ، يحيى بن شرف (ت ٦٧٧ ه) وهو مختصر محرّر في فروع الشافعية مشهور ومتداول اعتنى به الشافعية حفظا وشرحا طبع بمصر ١٢٩٧ ه / ١٨٧٨ م في (١٥٥) صفحة ، وطبع بالمطبعة الميمنية في مصر ١٣٠٥ ه / ١٨٨٦ م وفي المطبعة الجمالية في مصر ١٣٢٩ ه / ١٣١٠ م في (١٤٦) صفحة. وطبع مع ترجمة باللغة الفرنسية بأسفل صحائفه للمستشرق فون دنبرج في ليدن ١٣٠١ ه / ١٨٨٢ م. وطبع بالمطبعة الميمنية في مصر وبهامشه «منهج الطلاب» للشيخ زكريا الأنصاري ١٣٠٨ ه / ١٨٨٩ م في (١٣٩) صفحة ، وطبع في مصر ١٣١٤ ه / ١٨٩٥ م وفي مكة ١٣٠٦ ه / ١٨٨٧ م. وطبع بمطبعة عيسى الحلبي في مصر وبهامشه متن «المنهج» لزكريا الأنصاري ١٣٦١ ه / ١٩٤٠ م في (١٦٠) صفحة. وصوّر بدار المعرفة في بيروت ١٤٠١ ه / ١٩٨١ م.
(٣) هو الإمام عبد الرحيم بن الحسن بن علي الإسنوي ، جمال الدين ، أبو محمد فقيه أصولي من علماء العربية ولد بإسنا وانتقل إلى القاهرة (٧٢١ ه) انتهت إليه رئاسة الشافعية فيها. من كتبه «المبهمات على الروضة» (ت ٢٢٧ ه) (البدر الطالع ١ / ٣٥٢).
(٤) هو الإمام عمر بن رسلان بن نصير ، سراج الدين أبو حفص البلقيني المجتهد الحافظ للحديث. ولد في بلقينة من غربية مصر وتعلم بالقاهرة وولي قضاء الشام (٧٦٩ ه) وتوفي بالقاهرة (٨٠٥ ه) (الضوء اللامع ٦ / ٨٥).