يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ* وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) (النحل : ٤٨ ـ ٤٩) [وقال :] (١) «كأن المراد [أن] (١) يجري بالقول الأول على (٢) الإخبار عن أن كل شيء يسجد لله [عزوجل] ، وإن كان ابتداء الكلام في أمر خاص» (٣). انتهى ، وفيه نظر.
ومنه الانتقال من حديث إلى آخر تنشيطا للسامع كقوله تعالى في سورة ص بعد ذكر الأنبياء : (هذا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ) (الآية : ٤٩) (٤) [فإن هذا القرآن نوع من الذّكر ، لما انتهى ذكر الأنبياء ، وهو نوع من التنزيل ، أراد أن يذكر نوعا آخر ، وهو ذكر الجنّة وأهلها ، فقال : (هذا ذِكْرٌ) ؛ فأكد تلك الإخبارات باسم الإشارة ، تقول : أشير عليك بكذا ، ثم تقول بعده : هذا الذي عندي والأمر إليك. وقال : (وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ)] (٤) (الآية : ٤٩) كما يقول المصنّف : هذا باب ، [ثم] (٥) يشرع في باب آخر.
ولذلك (٦) لما فرغ من ذكر أهل الجنة قال : (هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ) (الآية : ٥٥).
فصل
وقد يكون اللفظ متصلا بالآخر والمعنى على خلافه ؛ كقوله تعالى : (وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ) (النساء : ٧٣) (٧) [؛ فقوله : (كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ)] (٧) منظوم بقوله : (قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَ) (النساء : ٧٢) ؛ لأنه موضع الشماتة.
__________________
صفحة ، وطبع في مطبعة صبيح بالقاهرة ، شرح تعليق محمد عبد المنعم خفاجي سنة ١٣٧١ ه / ١٩٥١ م ، وطبع بتحقيق سيّد أحمد صقر في مطبعة دار المعارف بالقاهرة سنة ١٣٨٤ ه / ١٩٦٤ م في (٣٩٣) صفحة. وطبع بتحقيق أمين الخولي سنة ١٤٠٠ ه / ١٩٧٩ م. وطبع في عالم الكتب ببيروت عام ١٤٠٦ ه / ١٩٨٦ م.
(١) ساقطة من المخطوطة ، وهي من المطبوعة.
(٢) في المطبوعة (إلى).
(٣) انظر إعجاز القرآن للباقلاني ص ١٠٦ ، فصل الاستثناء.
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٥) ساقط من المطبوعة.
(٦) في المخطوطة : (وكذلك).
(٧) العبارة ليست من المخطوطة.