قال : «وما (١) ذكروه في تقديم موسى على هارون في موضع وتأخيره عنه في موضع لأجل السّجع ، وتساوي مقاطع الكلام فمردود ، بل الفائدة فيه إعادة القصة الواحدة بألفاظ مختلفة تؤدّي معنى واحدا ، وذلك من الأمر الصّعب الذي تظهر فيه الفصاحة ، وتقوى البلاغة ، ولهذا أعيدت كثير من القصص (٢) على ترتيبات متفاوتة ؛ تنبيها (٣) بذلك على عجزهم عن الإتيان بمثله (٤) ، مبتدأ به ومتكررا (٥). ولو أمكنهم المعارضة لقصدوا تلك القصة وعبّروا عنها بألفاظ لهم تؤدي إلى تلك المعاني ونحوها. فعلى هذا القصد بتقديم بعض الكلمات على بعض وتأخيرها إظهار الإعجاز دون السجع» إلى أن قال : «فبان أن الحروف الواقعة في الفواصل مناسبة موقع النّظائر التي تقع في الأسجاع ، لا تخرجها عن حدها ، ولا تدخلها في باب [٩ / أ] السجع وقد بيّنّا أنّهم يذمّون كل سجع خرج عن اعتدال الأجزاء ، فكان بعض مصاريعه كلمتين ، وبعضها أربع (٦) كلمات ، ولا يرون ذلك فصاحة ، بل يرونه (٧) عجزا ، فلو فهموا اشتمال القرآن على السّجع لقالوا : نحن نعارضه بسجع معتدل ، فنزيد في الفصاحة على طريق (٨) القرآن» انتهى ما (٩) ذكره القاضي والرمانيّ.
ردّ عليهما الخفاجيّ (١٠) في كتاب «سر الفصاحة» فقال : «وأما قول الرماني : إن السّجع
__________________
(١) العبارة في المطبوعة : (وأما ما) وهي من كتاب «إعجاز القرآن».
(٢) العبارة في المطبوعة : (من القصص في مواضع كثيرة مختلفة) وهي تكملة من كتاب إعجاز القرآن.
(٣) في كتاب «الإعجاز» «ونبهوا بذلك».
(٤) في المخطوطة : (به).
(٥) في المطبوعة : (ومكررا).
(٦) تصحّفت في المخطوطة إلى : (سبع) وفي المطبوعة : (يبلغ) والتصويب من «الإعجاز» ص ٦٤.
(٧) في المخطوطة : (يروه) ، وما أثبتناه من المطبوعة و «الإعجاز».
(٨) في «الإعجاز» ص ٦٤ : (طريقة).
(٩) في المخطوطة : (وما).
(١٠) هو عبد الله بن محمد بن سعيد أبو محمد الخفاجي الشاعر الأديب. أخذ الأدب عن أبي العلاء المعرّي وأبي نصر المازني ، من مصنفاته : كتاب «سر الفصاحة» توفي سنة ٤٦٦ (الكتبي ، فوات الوفيات ٢ / ٢٢٠) وكتابه «سرّ الفصاحة» طبع في المطبعة الرحمانية بالقاهرة سنة ١٣٥١ ه / ١٩٣٢ م. وطبع بتحقيق عبد المتعال الصعيدي في مطبعة صبيح بالقاهرة سنة ١٣٧٢ ه / ١٩٥٢ م في (٣٦٧) صفحة. وطبع في مطبعة الأنجلو ـ القاهرة سنة ١٣٩٦ ه / ١٩٧٦ م في (٢٠٠) صفحة ، نشره عبد الرزاق أبو زيد زائد. وطبع بتحقيق سليم سليمان الأنصاري في مكتبة الأقصى ـ عمان. وطبع بدار الكتب العلمية في بيروت سنة ١٤٠٢ ه / ١٩٨٢ م ، وانظر قوله في ص : ١٦٦ من طبعة المطبعة الرحمانية وانظر قوله في كتابه ص ١٧٣ ـ ١٧٤ بيان أن من المناسبة بين الألفاظ في الصيغة السجع والازدواج.