وأنكر بعض المغاربة ذلك وقال : لم تزد الألف لتناسب رءوس الآي كما قال قوم ، لأن في سورة الأحزاب : (وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) (الآية : ٤) وفيها : (فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) (الأحزاب : ٦٧) ، وكلّ واحد منها رأس آية ، وثبتت الألف بالنسبة إلى حالة أخرى غير تلك في الثاني دون الأوّل ؛ فلو كان لتناسب رءوس الآي لثبت في (١) الجميع.
قالوا (٢) : وإنما زيدت الألف في مثل ذلك لبيان القسمين ، واستواء الظاهر والباطن بالنسبة إلى حالة أخرى غير تلك. وكذلك (٣) لحاق هاء السكت في قوله : (ما هِيَهْ) (القارعة : ١٠) في سورة القارعة ، هذه الهاء عدلت مقاطع الفواصل في هذه السورة ، وكان للحاقها (٤) في هذا الموضع تأثير عظيم في الفصاحة.
وعلى هذا ـ والله أعلم ـ ينبغي أن يحمل لحاق النون في المواضع التي (٥) تكلّم في لحاق النون إياها ، نحو قوله تعالى : (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (يس : ٤٠) ، وقوله تعالى : (كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) (البقرة : ٦٥) ؛ فإن من مآخذ البلاغة (٦) ومذاهبها أن يكون ورود هذه النون في مقاطع هذه الأنحاء للآي راجح الأصالة في الفصاحة ، لتكون فواصل السّور الوارد فيها ذلك قد استوثق فيما قبل حروفها المتطرفة (٧) ، وقوع حرفي المد واللين.
وقوله تعالى : (وَطُورِ سِينِينَ) (التين : ٢) وهو طور سيناء ؛ لقوله : (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ) (المؤمنون : ٢٠) وقوله تعالى : (لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ) (يوسف : ٤٦) كرر «لعلّ» مراعاة لفواصل الآي ، إذ لو جاء على الأصل لقال : لعلّي أرجع إلى الناس فيعلموا ؛ بحذف النون على الجواب [الثاني] (٨).
(الثاني) حذف همزة أو حرف اطرادا ؛ كقوله (٩) تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) (الفجر : ٤).
__________________
(١) في المطبوعة : (من).
(٢) في المطبوعة : (قال).
(٣) في المخطوطة : (وذلك).
(٤) العبارة في المخطوطة : (فكان إلحاقها).
(٥) العبارة في المطبوعة : (التي قد تكلم).
(٦) في المطبوعة : (الفصاحة).
(٧) تصحفت في المخطوطة إلى (الطرفة).
(٨) ساقطة من المطبوعة.
(٩) في المخطوطة : (لقوله).