أخلاقه وفضله
قال ابن قاضي شهبة (١) : (وحكى لي ـ تلميذه ـ الشيخ شمس الدين البرماوي (٢) أنه كان منقطعا إلى الاشتغال بالعلم ، لا يشتغل عنه بشيء ، وله أقارب يكفونه أمر دنياه).
وقال الحافظ ابن حجر (٣) : (وكان منقطعا في منزله ، لا يتردد إلى أحد إلاّ إلى سوق الكتب ، وإذا حضره لا يشتري شيئا ، وإنما يطالع في حانوت الكتبي طول نهاره ، ومعه ظهور أوراق يعلق فيها ما يعجبه ، ثم يرجع فينقله إلى تصانيفه).
علمه وثناء العلماء عليه
كان الزركشي مشاركا في عدة فنون ، كالتفسير ، والحديث ، والفقه ، وأصوله ، والأدب ، وله في كل فن منها مؤلفات تدل على تبحّره فيه ، فقد أحاط بالأصول والفروع ، وعرف الغامض والواضح ، ووعى الغريب والنادر ، واستقصى المقيس والشاذ ، إلى جانب ما وهبه الله إياه من ذكاء وفطنة. وأهّله ذلك كله للتوفّر على الجمع والتصنيف ، فوضع من المؤلفات في عمره القصير ما لم يضعه غيره من أفذاذ الرجال.
وقد وصفه المقريزي (ت ٨٤٥ ه) في كتابه «السلوك» (٤) فقال : (الفقيه الشافعي ، ذو الفنون والتصانيف المفيدة).
وعدّه ابن قاضي شهبة (ت ٨٥١ ه) من أئمة الشافعية في كتابه «طبقات الشافعية» (٥) فقال : (قال بعض المؤرخين كان فقيها ، أصوليا ، أديبا فاضلا في جميع ذلك).
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢ ه) في «الدرر الكامنة» (٦) : (وعني الزركشي بالفقه والأصول والحديث) ووصفه الجوهري (ت ٩٠٠ ه) في «نزهة
__________________
(١) طبقات الشافعية ٤ / ٣١٩.
(٢) هو الإمام محمد بن عبد الدائم بن موسى ، شمس الدين ، أبو عبد الله البرماوي ، محدّث وفقيه شافعي ، مصري أقام مدّة في دمشق ، تصدر للإفتاء والتدريس بالقاهرة ، وتوفي ببيت المقدس ٨٣١ ه (البدر الطالع ٢ / ١٨١).
(٣) الدرر الكامنة ٣ / ٣٩٨.
(٤) السلوك ٣ / ٢ / ٧٧٩.
(٥) طبقات الشافعية ٤ / ٣١٩.
(٦) الدرر الكامنة ٣ / ٣٩٧.