معترضا على قول الحريري (١) في المقامة التاسعة والعشرين :
يا صارفا عنّي الم |
|
ودّة والزمان له صروف |
ومعنّفي في فضح من |
|
جاوزت تعنيف العسوف |
لا تلحني فيما أتي |
|
ت فإنّني بهم عروف |
ولقد نزلت بهم فلم |
|
أرهم يراعون الضيوف |
وبلوتهم فوجدتهم |
|
لمّا سبكتهم زيوف |
ألا ترى أنك (٢) إذا أطلقت ظهر الأول والثالث مرفوعين ، والرابع والخامس منصوبين ، والثاني مجرورا ، وكذا باقي القصيد. والصواب أن ذلك ليس بشرط لما سبق ؛ ولا [شك] (٣) أن كلمة الأسجاع موضوعة على أن تكون ساكنة الأعجاز ، موقوفا عليها ؛ لأن الغرض المجانسة (٤) بين القرائن والمزاوجة ؛ ولا يتمّ ذلك إلا بالوقوف (٥) ، ولو وصلت لم يكن بدّ من إجراء [كلّ] (٦) القرائن على ما يقتديه حكم الإعراب فعطّلت عمل الساجع وفوّتّ غرضهم.
وإذا رأيتهم يخرجون الكلم عن أوضاعها (٧) لغرض الازدواج ؛ فيقولون : «آتيك بالغدايا والعشايا» مع أن فيه ارتكابا لما يخالف اللغة ، فما ظنك بهم في ذلك! (الثالث) : ذكر الزمخشريّ (٨) في «كشافه القديم» أنّه لا تحسن المحافظة على الفواصل لمجردها إلا مع بقاء المعاني على سدادها ، على النهج الذي يقتضيه حسن النظم والتئامه. كما لا يحسن تخيّر الألفاظ المونقة (٩) في السمع ، السّلسة على اللسان ؛ إلا مع
__________________
برّي ، ذكر ذلك حاجي خليفة في كشف الظنون» ١ / ١٧٩١ ، وقد طبعت استدراكات ابن الخشاب بذيل مقامات الحريري في المطبعة الحسينية بالقاهرة عام ١٣٢٦ ه / ١٩٠٨ م.
(١) هو القاسم بن علي بن محمد بن عثمان البصري ، الإمام أبو محمد الحريري ، أديب كان غاية في الذكاء والفطنة والفصاحة والبلاغة. صاحب تصانيف ، أشهرها «المقامات» و «درّة الغواص في أوهام الخواص» وله ديوان شعر. مات بالبصرة ٥١٦. (السيوطي ، بغية الوعاة ٢ / ٢٥٧).
(٢) العبارة في المطبوعة : (أنها).
(٣) العبارة في المخطوطة : (ولأن).
(٤) في المخطوطة : (المجاوزة).
(٥) في المطبوعة : (بالوقف).
(٦) من المطبوعة.
(٧) في المخطوطة : (أرداعها).
(٨) تقدم الحديث عن الزمخشري ص : ١٠٥ وذكر أنه ألف الكشاف القديم في مقدمة الكشاف الجديد المطبوع والمتداول ١ / ٣ ـ ٤.
(٩) في المخطوطة : (الموقوفة).