عمران : ٣٣). فإن معنى اصطفاء المذكورين يعلم منه الفاصلة ؛ إذ المذكورون نوع من جنس العالمين.
وقوله : (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ) (يس : ٣٧) فإنه من كان حافظا لهذه السورة ، متيقظا إلى أنّ مقاطع فواصلها النون المردفة ؛ وسمع في صدر هذه الآية (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ) علم أنّ الفاصلة (مُظْلِمُونَ) فإنّ من انسلخ النهار عن ليله أظلم ما دامت تلك الحال.
وقوله : (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ* فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (الزلزلة : ٦ ـ ٨) فإنّ قوله (لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ) يدل على التقسيم.
وقوله : (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ* أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (الملك : ١٣ ـ ١٤).
وقوله : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (البقرة : ٢٠).
الرابع : الإيغال
وسمّي به لأن المتكلّم قد تجاوز [حدّ] (١) المعنى [الذي] (٢) هو آخذ فيه ؛ وبلغ إلى زيادة على الحدّ ؛ يقال : أوغل في الأرض الفلانية ، إذا بلغ منتهاها ؛ فهكذا المتكلّم إذا تمّ معناه ثم تعدّاه بزيادة فيه ، فقد أوغل ؛ كقوله تعالى : (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة : ٥٠) ، فإنّ الكلام تمّ بقوله : (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً). ثم احتاج إلى فاصلة تناسب القرينة الأولى ؛ فلما أتى بها أفاد معنى زائدا.
[و] (٣) كقوله تعالى : (وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) (النمل : ٨٠) ؛ (٤) [فإن المعنى قد تمّ بقوله : (وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ) ، ثم أراد أن يعلم تمام الكلام بالفاصلة فقال : (إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ)] (٤).
__________________
(١) ساقطة من المطبوعة.
(٢) من المطبوعة.
(٣) من المطبوعة.
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة ، وهو من المطبوعة.