(الثاني) : القياسيّ ؛ وهو ما ألحق من المحتمل غير المنصوص بالمنصوص ، لمناسب ، ولا محذور في ذلك ؛ لأنه لا زيادة فيه ولا نقصان ؛ وإنما غايته أنه محلّ فصل أو وصل. والوقف على كلمة جائر ، (١) [ووصل القرآن كلّه جائز] (١) ، فاحتاج القياسيّ إلى طريق تعرّفه ؛ فأقول : فاصلة الآية كقرينة السجعة في النثر ، وقافية البيت في النظم ؛ وما يذكر من عيوب القافية من اختلاف الحذو (٢) والإشباع ، والتوجيه ، فليس بعيب في الفاصلة ، وجاز الإيغال (٣) في الفاصلة والقرينة وقافية الأرجوزة ؛ من نوع إلى آخر ؛ بخلاف قافية القصيد. ومن ثمّ ترى (يَرْجِعُونَ) مع (عَلِيمٌ) (آل عمران : ٧٢ و ٧٣) و (الْمِيعادَ) مع (الثَّوابِ) (آل عمران : ١٩٤ ـ ١٩٥) ، و (الطَّارِقِ) مع (الثَّاقِبُ) (الطارق : ١ ـ ٣).
والأصل في الفاصلة والقرينة المجردة (٤) في الآية والسجعة المساواة ؛ ومن ثمّ أجمع العادّون على ترك عدّ (وَيَأْتِ بِآخَرِينَ) (النساء : ١٣٣) و (وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ) بالنساء (الآية : ١٧٢) و (كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ) بسبحان (الإسراء : ٥٩) ، و (لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ) بمريم (الآية : ٩٧) ، و (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) بطه (الآية : ١١٣) ، و (مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) (الطلاق : ١١) و (أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) بالطلاق (الآية : ١٢) [حيث] (٥) لم يشاكل طرفيه. وعلى ترك عدّ (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ) بآل عمران (الآية : ٨٣) ، و (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ) بالمائدة (الآية : ٥٠) ، وعدّوا نظائرها للمناسبة ، نحو (لِأُولِي الْأَلْبابِ) بآل عمران (الآية : ١٩٠) ، و (عَلَى اللهِ كَذِباً) بالكهف (الآية : ١٥) ، و (وَالسَّلْوى) بطه (الآية : ٨٠).
وقد يتوجّه الأمران في كلمة فيختلف فيها ؛ فمنها البسملة وقد نزلت بعض آية في النمل (الآية : ٣٠) ، وبعضها في أثناء الفاتحة (الآية : ٢) [ونزلت أولها] (٦) في بعض الأحرف السبعة. فمن قرأ بحرف نزلت فيه عدّها آية ، ولم يحتج إلى إثباتها بالقياس للنصّ المتقدم ، خلافا للدانيّ (٧). ومن قرأ بحرف لم تنزل بعده (٨) لم يعدها ؛ ولزمه من الإجماع على
__________________
(١) من المطبوعة ، وانظر الإتقان للسيوطي ٣ / ٢٩١.
(٢) في كتاب «الإتقان في علوم القرآن» ٣ / ٢٩١ : اختلاف الحدّ.
(٣) في المطبوعة : (الانتقال).
(٤) في المطبوعة : (المتجرّدة).
(٥) ساقطة من المطبوعة.
(٦) العبارة ساقطة من المطبوعة.
(٧) الدّاني ، هو عثمان بن سعيد بن عثمان. تقدمت ترجمته ص : ١٤٩.
(٨) في المطبوعة : (معه).