النوع الثامن
في خواتم السور
وهي مثل الفواتح في الحسن : لأنّها آخر ما يقرع الأسماع ؛ فلهذا جاءت متضمّنة للمعاني البديعة ؛ مع إيذان السامع بانتهاء الكلام حتى يرتفع معه (١) تشوّف النّفس إلى ما يذكر [بعد] (٢).
ومن أوضحه خاتمة سورة إبراهيم : (هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ) (إبراهيم : ٥٢) ، وخاتمة سورة الأحقاف : (بَلاغٌ ؛ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ) (الأحقاف : ٣٥) ولأنها بين أدعية ووصايا وفرائض ومواعظ وتحميد وتهليل ، ووعد ووعيد ؛ إلى غير ذلك. كتفصيل جملة المطلوب في خاتمة فاتحة الكتاب ؛ إذ المطلوب الأعلى الإيمان المحفوظ من المعاصي المسبّبة لغضب الله والضلال ؛ ففصّل جملة ذلك بقوله : (الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) (الفاتحة : ٧) ؛ والمراد المؤمنين ؛ ولذلك أطلق الإنعام ولم يقيّده ليتناول كلّ إنعام [٢٥ / أ] ؛ لأن من أنعم [الله] (٣) عليه بنعمة الإيمان فقد أنعم عليه بكلّ نعمة ؛ لأن نعمة الإيمان مستتبعة لجميع النعم ؛ ثم وصفهم بقوله : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) (الفاتحة : ٧) يعني أنهم جمعوا بين النّعم المطلقة وهي نعمة الإيمان ، وبين السّلامة من غضب الله والضلال المسبّبين عن معاصيه وتعدّي حدوده.
وكالدعاء الّذي اشتملت عليه الآيتان من آخر سورة البقرة (الآيتان : ٢٨٥ ـ ٢٨٦).
وكالوصايا التي ختمت بها سورة آل عمران (الآية : ٢٠٠) ، بالصّبر على تكاليف الدين ، والمصابرة لأعداء الله في الجهاد ومعاقبتهم ، والصبر على شدائد الحرب والمرابطة في
__________________
(١) في المخطوطة : (مع).
(٢) ساقطة من المخطوطة.
(٣) ساقطة من المطبوعة.