ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا) (البقرة : ٢٧٨) فأقرّوا بتحريمه ، وتابوا وأخذوا رءوس الأموال ، ثم حملت مع الآيات من أول [سورة] (١) براءة من المدينة إلى مكة ، قرأهنّ عليّ بن أبي طالب رضياللهعنه يوم النحر على الناس ، وفي ترتيبها قصة (٢).
ثم حملت من المدينة إلى مكة ، الآية التي في النساء : (إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ) (الآية : ٩٨) ، إلى قوله : (عَفُوًّا غَفُوراً) (الآية : ٩٩) فلا تعاقبهم على تخلّفهم عن الهجرة ؛ فلما بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم بها إلى مسلمي مكة ، قال جندع بن ضمرة الليثيّ (٣) ، ثم الجندعيّ لبنيه ـ وكان شيخا كبيرا : ألست من المستضعفين وأني لا أهتدي إلى الطريق! فحمله بنوه على سريره متوجها إلى المدينة ، فمات بالتّنعيم (٤) ، فبلغ أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم موته فقالوا : لو لحق بنا لكان أكمل لأجره ، فأنزل الله [تعالى] (٥) : (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ) (النساء : ١٠٠) إلى قوله (غَفُوراً رَحِيماً) (الآية : ١٠٠)
ما حمل من المدينة إلى الحبشة
هي ست [٢٨ / أ] آيات ، بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى جعفر بن أبي طالب في خصومة الرهبان والقسيسين : (يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ) (آل عمران : ٦٤) ، فقرأها جعفر بن أبي طالب عليهم عند النجاشيّ ، فلما بلغ قوله : (ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا) (الآية : ٦٧) قال النجاشيّ : صدقوا ، ما كانت اليهودية والنصرانية إلا من بعده ، ثم قرأ جعفر : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ...) (الآية : ٦٨) قال النجاشيّ : اللهم إنّي وليّ لأولياء إبراهيم ، وقال : صدقوا والمسيح (٦) ، ثم أسلم النجاشيّ وأسلموا (٧).
__________________
(١) سقطت من المخطوطة.
(٢) القرطبي ، الجامع ٣ / ٣٦٣.
(٣) هو الصحابي جندع بن ضمرة بن أبي العاص الليثي لحق بالنبي صلىاللهعليهوسلم مهاجرا فمات في الطريق. فأنزل الله فيه (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ) إلى قوله : (غَفُوراً رَحِيماً). (ابن حجر ، الإصابة في تمييز الصحابة ١ / ٢٥٢).
(٤) التنعيم ـ بالفتح ثم السكون وكسر العين المهملة وياء ساكنة وميم ـ موضع بمكة في الحل ، وهو بين مكة وسرف على فرسخين من مكة (ياقوت ، معجم البلدان ٢ / ٤٩).
(٥) القرطبي ، الجامع ٥ / ٣٤٩.
(٦) تصحّفت في المخطوطة إلى : (والشيخ).
(٧) أخرجه ابن إسحاق في سيرته : ٢١٣ عن أم سلمة ، وأخرجه الكلبي في تفسيره عن أبي صالح عن ابن عباس في قصة طويلة فيها هجرة الحبشة الأولى ، (انظر أسباب النزول للواحدي : ٧٦ ـ ٧٩) وذكر البغوي أنها نزلت في أهل نجران الذين وفدوا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى المدينة. انظر تفسيره ١ / ٣١١.