والخامس : المراد سبعة أوجه من المعاني المتفقة ، بالألفاظ المختلفة ، نحو أقبل ، وهلّم وتعال ، وعجّل ، وأسرع ، وأنظر ، وأخّر ، وأمهل ونحوه. وكاللغات التي في «أفّ» ونحو ذلك.
قال ابن عبد البر : «وعلى هذا القول أكثر أهل العلم ؛ وأنكروا على من قال : إنها لغات ؛ لأنّ العرب لا تركّب لغة بعضها بعضا ، ومحال أن يقرئ النبي صلىاللهعليهوسلم أحدا بغير لغته. وأسند عن أبيّ بن كعب أنه كان يقرأ : (كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ) (البقرة : ٢٠) «سعوا فيه» (١) ـ قال ـ فهذا معنى السّبعة الأحرف المذكورة في الأحاديث عند جمهور أهل الفقه والحديث ؛ منهم سفيان بن عيينة ، وابن وهب (٢) ، ومحمد بن جرير الطبريّ ، والطحاوي وغيرهم. وفي مصحف عثمان الذي بأيدي الناس منها حرف واحد» (٣).
وقال الزّهريّ : «إنما هذه الأحرف في الأمر الواحد ؛ وليست تختلف في حلال ولا حرام» (٤).
واحتج ابن عبد البرّ بحديث سليمان بن صرد عن أبيّ بن كعب قال : «قرأ أبيّ آية ، وقرأ ابن مسعود آية خلافها ، وقرأ رجل آخر خلافهما ، فأتيت النبيّ صلىاللهعليهوسلم فقلت : ألم تقرأ آية كذا؟
وقال ابن مسعود : ألم تقرأ آية كذا؟ فقال : كلكم محسن مجمل. وقال : يا أبيّ ، إني أقرئت القرآن فقلت : على حرف أو حرفين؟ فقال لي الملك : على حرفين فقلت : على حرفين أو ثلاثة؟ فقال : على ثلاثة ؛ هكذا حتى بلغ سبعة أحرف ، ليس فيها إلا شاف [كاف] (٥) ، قلت غفورا رحيما ، أو قلت سميعا حكيما ، (٦) [أو قلت عليما حكيما] (٦) ، أو قلت عزيزا حكيما ، أيّ ذلك قلت فإنه كذلك» (٧).
__________________
(١) في المخطوطة «مروا فيه».
(٢) هو عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي تقدمت ترجمته ص ٣٠٤.
(٣) انظر قول ابن عبد البر وافيا في كتابه التمهيد ٢٨٣ ـ ٢٩٢ ، بتصرف.
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه ٢ / ٥٦١ من قول ابن شهاب تعليقا في كتاب صلاة المسافرين (٦) ، باب بيان ان القرآن على سبعة أحرف (٤٨) ، الحديث ٢٧٢ / ٨١٩.
(٥) ساقطة من المطبوعة.
(٦) ساقطة من المخطوطة.
(٧) أخرجه ابن عبد البرّ في التمهيد ٨ / ٢٨٣ و ٢٨٤ ، وأخرجه أحمد في المسند ٥ / ١٢٤ ، وأخرجه أبو داود في السنن ٢ / ١٦٠ ، كتاب الصلاة (٢) ، باب «أنزل القرآن على سبعة أحرف» (٣٥٧) الحديث (١٤٧٧) ، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٢ / ٣٨٤ ، كتاب الصلاة ، باب وجوب القراءة على ما نزل من الأحرف السبعة دون غيرهن من اللغات. وتقدم تخريج الحديث من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عنه ص ٣٠٣.