مصاحف. قال ابن وهب : سألت مالكا عن مصحف عثمان ؛ فقال لي : ذهب. وأخبرني مالك قال : أقرأ عبد الله بن مسعود رجلا : (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ* طَعامُ الْأَثِيمِ) (الدخان : ٤٣ و ٤٤) ، فجعل الرجل يقول : [طعام] (١) اليتيم ، فقال : طعام الفاجر» (٢) ، فقلت لمالك : أترى أن يقرأ بذلك؟ قال : نعم ، أرى أن ذلك واسعا» (٣).
قال [٣١ / أ] أبو عمر : «معناه عندي أن يقرأ به في غير الصلاة ؛ وإنما لم تجز القراءة به في الصلاة ؛ لأنّ ما عدا مصحف عثمان لا يقطع عليه ؛ وإنما يجرى مجرى خبر (٤) الآحاد ؛ لكنه لا يقدم أحد على القطع في ردّه. وقال مالك رحمهالله فيمن قرأ في صلاة بقراءة ابن مسعود وغيره من الصحابة ؛ مما يخالف المصحف : لم يصلّ وراءه. قال : (٥) وعلماء مكّيّون مجمعون على ذلك ـ إلا شذوذا لا يعرّج عليه منهم (٥) الأعمش (٦) ـ وهذا كله يدلّ على أن السبعة الأحرف التي أشير إليها في الحديث ليس بأيدي الناس منها إلا حرف زيد بن ثابت الذي جمع عثمان عليه المصاحف» (٧).
السادس : أن ذلك راجع إلى بعض الآيات ، مثل قوله : (أُفٍّ لَكُمْ) (٨) (الأنبياء : ٦٧) ؛ فهذا على سبعة أوجه بالنصب والجرّ والرفع ؛ وكلّ وجه : بالتنوين وغيره. وسابعها الجزم. ومثل قوله : (تُساقِطْ عَلَيْكِ) (٩) (مريم : ٢٥) ؛ ونحوه ، ويحتمل في القرآن تسعة أوجه ، ولا يوجد ذلك في عامة الآيات.
__________________
(١) ساقطة من المخطوطة.
(٢) أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن ، وابن الأنباري ، وابن المنذر وأخرجه عن أبي الدرداء رضياللهعنه : سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم (السيوطي ، الدر المنثور ٦ / ٣٢).
(٣) التمهيد ٨ / ٢٩٢.
(٤) في المخطوطة : (أخبار).
(٥) العبارة في التمهيد : «وعلماء المسلمين مجمعون على ذلك إلا قوم شذّوا لا يعرج عليهم منهم الأعمش سليمان بن مهران...».
(٦) تصحّفت العبارة في المطبوعة «إلا عثمان» والتصويب ما أثبتناه من التمهيد.
(٧) التمهيد ٨ / ٢٩٢ ـ ٢٩٣ (بتصرّف).
(٨) قرأ نافع وحفص وأبو جعفر (أفّ) بكسر الفاء منونة ، وبفتح التاء من غير تنوين قرأ ابن كثير وابن عامر ويعقوب ، وبكسر الفاء بلا تنوين الباقون (الدمياطي إتحاف فضلاء البشر ص : ٣١١).
(٩) قال ابن خالويه : اجتمع في هذا الحرف تسع قراءات : تسّاقط ، يسّاقط ، تتساقط ، تساقط ، تساقط ، تسقط ، يسقط ، تسقط ، يسقط ، الياء للجذع والتاء للنخلة (مختصر في شواذ القرآن ص : ٨٤).