المثاني ، وإلى «براءة» وهي من المئين ؛ فقرنتم بينهما ، ولم تكتبوا بينهما سطر (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)؟ قال عثمان : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم مما يأتي عليه الزمان وتنزل عليه السور ، وكان إذا نزل عليه شيء دعا بعض من كان يكتبه فقال : ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا ، وكانت «الأنفال» من أوائل ما نزل من المدينة ، وكانت «براءة» من آخر القرآن ؛ وكانت [قصتها] (١) شبيهة بقصتها فقبض رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولم يبيّن لنا أنها منها ؛ فمن أجل ذلك قرنت بينهما ، ولم أكتب بينهما سطر (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، ثم كتبت (٢)» فثبت أنّ القرآن كان على هذا التأليف والجمع في زمن النبي صلىاللهعليهوسلم ، وإنما [ترك] (٣) جمعه في مصحف واحد ؛ لأنّ النسخ كان يرد على بعض (٤) ، فلو جمعه ثم رفعت تلاوة بعض (٤) لأدّى إلى الاختلاف واختلاط الدين ، فحفظه الله في القلوب إلى انقضاء زمان النسخ ، ثمّ وفّق لجمعه الخلفاء الراشدون (٥).
واعلم أنه قد اشتهر أن عثمان هو أول من جمع المصاحف ؛ وليس كذلك لما بيّناه ، بل أول من جمعها في مصحف واحد الصدّيق ، ثم أمر عثمان حين خاف الاختلاف في القراءة بتحويله منها إلى المصاحف ؛ هكذا نقله (٦) البيهقي (٧).
قال : «وقد روينا عن زيد بن ثابت أنّ التأليف كان في زمن النبي صلىاللهعليهوسلم ، وروينا عنه أن الجمع في المصحف كان في زمن أبي بكر [رضياللهعنه] (٨) والنسخ في المصاحف في زمن عثمان ، وكان ما يجمعون وينسخون معلوما لهم ، بما كان مثبتا في صدور الرجال ، وذلك كلّه بمشورة من (٩) حضره من الصحابة (٩) [٣٣ / ب] [وارتضاه (١٠)] عليّ بن أبي طالب ، وحمد أثره فيه».
__________________
(١) ساقطة من المخطوطة.
(٢) تقدم تخريج الحديث ص ٣٢٥.
(٣) ساقطة من المخطوطة.
(٤) في المخطوطة : (بعضه).
(٥) في المطبوعة : (الراشدين) وكلاهما محتمل.
(٦) في المخطوطة : (رواه).
(٧) انظر السنن الكبرى ٢ / ٤١ ـ ٤٢ ، باب الدليل على أن ما جمعته مصاحف الصحابة رضياللهعنهم كله قرآن وكتاب دلائل النبوة ٧ / ١٤٧ باب ما جاء في تأليف القرآن.
(٨) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوعة.
(٩) عبارة المخطوطة : (من جماعة من علماء الصحابة).
(١٠) ساقطة من المخطوطة.