«قال : وأما قولهم : إنه أحرق المصاحف ؛ فإنه غير ثابت ، ولو ثبت لوجب حمله على أنه أحرق (١) مصاحف قد أودعت ما لا يحل قراءته».
«وفي الجملة إنه إمام عدل غير معاند ولا طاعن في التنزيل ، ولم يحرق إلاّ ما يجب إحراقه ، ولهذا لم ينكر عليه أحد ذلك ، بل رضوه وعدوّه من مناقبه ، حتى قال عليّ : «لو ولّيت ما ولي عثمان لعملت بالمصاحف ما عمل (٢)». انتهى ملخّصا.
فائدة
قال أبو عمرو الدانيّ في «المقنع» : «أكثر العلماء على أن عثمان لمّا كتب المصاحف جعله على أربع نسخ ؛ وبعث إلى كل ناحية واحدا ؛ الكوفة والبصرة والشام ، وترك واحدا عنده. وقد قيل : إنه جعله سبع نسخ ، وزاد : إلى مكة وإلى اليمن وإلى البحرين. قال : والأول أصحّ وعليه الأئمة (٣)».
فصل
في بيان من جمع القرآن حفظا
من الصحابة على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم
حفظه في حياته جماعة من الصحابة ، وكلّ قطعة منه كان يحفظها جماعة كثيرة أقلهم بالغون حدّ التواتر ، وجاء في ذلك أخبار ثابتة في «الترمذي» و «المستدرك» وغيرهما من حديث ابن عباس قال : «كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه السّور ذوات العدد ، فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقول : ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا (٤)» ، قال الترمذيّ : «هذا حديث حسن». وقال الحاكم : «صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه».
__________________
(١) في المخطوطة : (حرق).
(٢) أخرجه ابن أبي داود في المصاحف ص : ١٢ و ٢٢ ـ ٢٣ (باب اتفاق الناس مع عثمان على جمع المصحف وأخرجه البيهقي في السنن ٢ / ٤٢ كتاب التفسير ، باب الدليل على أن ما جمعته مصاحف الصحابة رضياللهعنهم كله قرآن.
(٣) المقنع ص : ٩ وسيأتي الكلام عن كتاب المقنع في ٢ / ٦.
(٤) تقدم تخريج الحديث ص ٣٢٥.