وروى البخاري (١) عن ابن مسعود رضياللهعنه ، قال في بني إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء : «إنهنّ من العتاق الأول ؛ وهنّ من تلادي» (١) فذكرها نسقا كما استقرّ ترتيبها.
وفي «صحيح البخاري» (٢) : أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا أوى إلى فراشه كلّ ليلة جمع كفّيه ، ثم نفث فيهما فقرأ : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) والمعوّذتين».
وقال أبو جعفر النحاس (٣) : «المختار أن تأليف (٤) السور على هذا الترتيب من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وروي ذلك عن عليّ بن أبي طالب» ثم ساق بإسناده إلى أبي داود الطيالسيّ : حدثنا عمران القطان عن قتادة عن أبي المليح الهذليّ عن واثلة بن الأسقع أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «أعطيت مكان التوراة السّبع الطول ، وأعطيت مكان الزّبور المئين ، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني ، وفضّلت بالمفصّل» (٥).
قال أبو جعفر : «وهذا الحديث يدل على أن تأليف القرآن مأخوذ عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، وأنه مؤلف من ذلك الوقت ، وإنما جمع في المصحف على شيء واحد ؛ لأنه قد جاء هذا الحديث بلفظ رسول الله صلىاللهعليهوسلم على تأليف القرآن. وفيه أيضا دليل على أن سورة الأنفال سورة على حدة ، وليست من براءة».
قال أبو الحسين أحمد بن فارس (٦) في كتاب «المسائل الخمس» : «جمع القرآن على ضربين : أحدهما تأليف السور ، كتقديم السبع الطّوال وتعقيبها بالمئين ؛ فهذا الضرب هو الذي تولاّه الصحابة رضوان الله عليهم. وأما الجمع الآخر فضمّ الآي بعضها إلى بعض ، وتعقيب
__________________
(١) في صحيحه ٨ / ٣٨٨ ، كتاب التفسير (٦٥) ، سورة بني إسرائيل (١٧) ، باب (١) الحديث (٤٧٠٨). قال ابن حجر : «وقوله هن من تلادي» بكسر المثناة وتخفيف اللام أي مما حفظ قديما ومراد ابن مسعود رضياللهعنه أنهن من أول ما تعلم من القرآن.
(٢) الصحيح ١٠ / ٢٠٩ ، من حديث عائشة رضياللهعنها كتاب الطب (٧٦) ، باب النفث في الرقية (٣٩) ، الحديث (٥٧٤٨).
(٣) هو أحمد بن محمد بن إسماعيل أبو جعفر النّحاس المرادي المصري رحل إلى العراق وسمع من الزجاج وأخذ عنه النحو وأخذ عن علي بن سليمان الأخفش وغيرهم ، اشتغل بالتصنيف في علوم القرآن من كتبه «إعراب القرآن» ت ٣٧٧ ه (الداودي ، طبقات المفسرين ١ / ٦٧).
(٤) عبارة المخطوطة (تأليف القرآن السور...).
(٥) تقدم تخريج الحديث ص ٣٤١.
(٦) تقدمت ترجمته ص ١٩١. وتقدم القول أيضا ص ٣٣١.