الصحابة رضياللهعنهم. وذكر ذلك مكيّ في سورة براءة ، وأن وضع البسملة في الأول هو من النبي صلىاللهعليهوسلم.
وقال أبو بكر ابن الأنباريّ (١) : «أنزل الله القرآن كلّه إلى سماء الدنيا ، ثم فرّق في بضع وعشرين ، فكانت السورة تنزل لأمر يحدث ، والآية جوابا لمستخبر ؛ ويقف جبريل النبيّ صلىاللهعليهوسلم (٢) [على موضع السورة والآية. فاتّساق السور كاتساق الآيات والحروف ، كله عن النبي صلىاللهعليهوسلم] (٢) ، فمن قدّم سورة أو أخّرها فقد أفسد نظم الآيات».
قال القاضي أبو بكر : «ومن نظم السور على المكي والمدني لم يدر أين يضع الفاتحة ، لاختلافهم في موضع نزولها ، ويضطر إلى تأخير الآية في رأس خمس وثلاثين ومائتين من البقرة (٣) إلى رأس الأربعين ، ومن أفسد نظم القرآن فقد كفر به».
تنبيه
لترتيب وضع السور في المصحف أسباب تطلع (٤) على أنه توقيفيّ صادر عن حكيم : (أحدها) بحسب الحروف ، كما في الحواميم ، (وثانيها) لموافقة أول السورة لآخر ما قبلها ، كآخر الحمد في المعنى وأول البقرة. (وثالثها) للوزن في اللفظ ، كآخر «تبت» وأوّل الإخلاص. (ورابعها) لمشابهة جملة السورة لجملة الأخرى مثل (وَالضُّحى) و (أَلَمْ نَشْرَحْ).
قال بعض الأئمة : وسورة الفاتحة تضمنت الإقرار بالربوبية ، والالتجاء إليه في دين الإسلام ، والصيانة عن دين اليهودية والنصرانية.
وسورة البقرة تضمنت قواعد الدين ، وآل عمران مكمّلة لمقصودها ؛ فالبقرة بمنزلة إقامة الدليل على الحكم ، وآل عمران بمنزلة الجواب عن شبهات الخصوم ؛ ولهذا قرن فيها ذكر المتشابه (٥) (منها بظهور) (٥) الحجة والبيان ؛ فإنه نزل أولها في آخر الأمر لما قدم وفد نجران النّصارى ، وآخرها يتعلق بيوم أحد. والنصارى تمسكوا بالمتشابه ، فأجيبوا عن شبههم بالبيان.
__________________
(١) محمد بن القاسم أبو بكر ابن الأنباري تقدمت ترجمته ص ٢٩٩.
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٣) في المخطوطة (المائة).
(٤) في المخطوطة (يطلع).
(٥) في المخطوطة (من ظهور).