قطع ميلا أو فرسخا وانتهى إلى رأس بريّة نفّس ذلك منه ونشطه للمسير ؛ ومن ثمة جزّأ القرآن أجزاء وأخماسا. ومنها أن الحافظ إذا حذق (١) السّورة اعتقد أنه أخذ من كتاب الله طائفة مستقلة فيعظم عنده ما حفظه. ومنه حديث أنس : «كان الرّجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جلّ فينا» (٢). ومن ثم كانت القراءة في الصلاة بسورة أفضل. ومنها أن التفصيل يسبّب تلاحق الأشكال والنظائر وملاءمة بعضها لبعض ، وبذلك (٣) تتلاحظ المعاني والنظم ، الى غير ذلك من الفوائد».
فائدة
أما الآية فلها في اللغة ثلاثة معان :
أحدها ـ جماعة الحروف ، قال أبو عمرو الشيباني (٤) : «تقول العرب : خرج القوم بآيتهم أي بجماعتهم».
ثانيها ـ الآية : العجب ، تقول العرب : فلان آية في العلم وفي الجمال ، قال الشاعر :
آية في الجمال ليس له في ال |
|
حسن شبه وما له من نظير |
فكأنّ كل آية عجب في نظمها ، والمعاني المودعة فيها.
ثالثها ـ العلامة ، تقول العرب : خربت دار فلان وما بقي فيها آية ، أي علامة ؛ فكأن كلّ آية في القرآن علامة ودلالة على نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم.
واختلف في وزنها فقال سيبويه : «فعلة» بفتح العين ، وأصلها «أيية» تحركت الياء
__________________
(١) في المخطوطة : (حفظ).
(٢) اضطربت عبارة المخطوطة ، واللفظ عند ابن حبّان (... عدّ فينا ذو شأن...) والحديث أخرجه بلفظه ابن حبّان في الصحيح ٢ / ٦٢ ، كتاب الرقاق ، ذكر خبر قد شنع به بعض المعطلة على أصحاب الحديث حيث حرمها التوفيق وإدراك معناه. الحديث رقم (٧٤١). وأخرج أصله أحمد في المسند ٣ / ٢٢٢ ، ومسلم في الصحيح ٤ / ٢١٤٥ ، كتاب صلاة المنافقين وأحكامهم (٥٠) ، الحديث (١٤ / ٢٧٨١).
(٣) في المخطوطة (لذلك).
(٤) هو إسحاق بن مرار أبو عمرو الشيباني الكوفي ، كان راوية أهل بغداد واسع العلم باللغة والشعر ثقة في الحديث كثير السماع نبيلا فاضلا عالما بكلام العرب له تصانيف هامة منها : كتاب : «الجيم» ت ٢٠٦ ه (السيوطي ، بغية الوعاة ١ / ٤٣٩) وانظر قوله في تفسير غريب القرآن لابن قتيبة ص : ٣٤ ، وخزانة الأدب ٣ / ١٣٧.