٣٦ ـ وأما تسميته «ذكرى» : فلأنه ذكر للمؤمنين ؛ ما فطرهم الله عليه من التوحيد. وأما قوله تعالى : (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ) (الأنبياء : ١٠٥) فالمراد بالزّبور هنا جميع الكتب المنزلة من السماء لا يختص بزبور داود ، والذكر أم الكتاب الذي من عند الله تعالى.
وذكر الشيخ شهاب الدين أبو شامة (١) في «المرشد الوجيز» في قوله تعالى : (وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى) (طه : ١٣١) قال : يعني القرآن. وقال السخاويّ : يعني ما رزقك الله من القرآن خير [وأبقى] (٢) ممّا رزقهم من الدنيا.
فائدة
ذكر المظفريّ في «تاريخه» (٣) : «لما جمع أبو بكر القرآن قال : سمّوه ، فقال بعضهم : سموه إنجيلا ، فكرهوه ، وقال بعضهم : سمّوه السّفر ، فكرهوه من يهود. فقال ابن مسعود : رأيت للحبشة كتابا يدعونه المصحف ، فسموه به» (٤).
فائدة
قال الحافظ أبو طاهر السّلفيّ (٥) : سمعت أبا الكرم النحوي (٦) (٧) [يقول سمعت أبا القاسم التنوخي (٨) يقول سمعت أبا الحسن الرمّاني] (٧) ببغداد ؛ وسئل : كلّ كتاب له ترجمة ، فما ترجمة كتاب الله؟ فقال : (هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ) (إبراهيم : ٥٢).
__________________
(١) المرشد الوجيز ص : ٢٠٨ ـ ٢٠٩.
(٢) ساقطة من المطبوعة.
(٣) «التاريخ المظفري» للقاضي شهاب الدين إبراهيم بن عبد الله بن أبي الدم الحموي (ت ٦٤٢ ه) وهو تاريخ يختص بالملة الإسلامية في نحو (٦) مجلدات (كشف الظنون ١ / ٣٠٥) وقد قام بتحقيقه د. حامد زيان غانم ، أستاذ التاريخ في كلية الآداب بجامعة الإمارات (أخبار التراث العربي ٨ / ٢٠).
(٤) انظر المرشد الوجيز لأبي شامة ص : ٦٣ ـ ٦٤. وعزاه السيوطي في الإتقان ١ / ١٤٩ لابن أشتة في «المصاحف».
(٥) هو أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني أبو طاهر السلفي الشافعي أحد الحفاظ المكثرين ورد بغداد واشتغل بها على الكيا أبي الحسن علي الهراسي في الفقه وعلى الخطيب أبي زكريا يحيى بن علي التبريزي اللغوي باللغة قصده الناس من أماكن بعيدة وسمعوا عليه وانتفعوا به ت ٥٧٦ ه (ابن خلكان ، وفيات الأعيان ١ / ١٥٠).
(٦) هو أبو الكرم علي بن عبد الكريم بن أبي العلاء العباسي الهمذاني العطار ، حدّث عن أحمد بن محمد العدل ، وعنه أحمد بن عبد الواحد المقدسي البخاري. توفي بعد الخمسمائة (سير أعلام النبلاء ٢١ / ١١٠).
(٧) الزيادة من الإتقان ١ / ١٤٨ ، وعبارة المخطوطة (قال الحافظ أبو طاهر السلفي سمعت أبا الحسن الرمّاني...).
(٨) هو علي بن محمد بن داود بن إبراهيم ، أبو القاسم التنوخي ، كان معتزليا مناظرا منجما ولي قضاء الأهواز. قال ابنه : «كان يحفظ للطائيين ستمائة قصيدة». ت ٣٤٢ ه (سير أعلام النبلاء ١٥ / ٤٩٩).