(كل) (١) ووافق الجماعة على النصب في النساء (الآية : ٩٥). والفرق أن الذي في سورة الحديد شغل الخبر بهاء مضمرة ، وليس قبل هذه الجملة جملة فعلية ، فيختار لأجلها النصب ، فرفع بالابتداء ، وأما التي في سورة النساء فإنّما اختير فيها النصب لأنّ قبله جملة فعلية ، وهي (٢) [قول (٣) الله تعالى] (٢) : (وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ).
تنبيه
قد يتجاذب الإعراب والمعنى الشيء الواحد ، وكان أبو علي الفارسي يلمّ به كثيرا ، وذلك أنه يوجد في الكلام أن المعنى يدعو إلى أمر ، والإعراب يمنع [منه] (٥) ، قالوا : والتمسك بصحة المعنى يؤول لصحة الإعراب ، وذلك كقوله تعالى : (إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ* يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ) (الطارق : ٨ و ٩) فالظرف الذي هو (يَوْمَ) يقتضي المعنى أن يتعلق بالمصدر الذي [هو] (٦) «رجع» ، أي أنه (عَلى رَجْعِهِ) في ذلك اليوم (لَقادِرٌ) لكن الإعراب يمنع منه لعدم جواز الفصل بين المصدر ومعموله بأجنبي يجعل العامل (٧) فيه فعلا مقدرا دلّ عليه (٨) المصدر.
وكذا قوله سبحانه : (لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ) (المؤمن : ١٠) ، فالمعنى يقتضي تعلق (إِذْ) بالمقت ، والإعراب يمنعه ، للفصل بين المصدر ومعموله بالخبر ، فيقدر له فعل يدل عليه المقت.
وكذلك قوله تعالى : (أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ* وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ* إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ) (العاديات : ٩ و ١٠ و ١١) فالمعنى أن العامل في إذا (لَخَبِيرٌ) ، والإعراب يمنعه ؛ لأن ما بعده (إِنَ) لا يعمل فيما قبلها ، فاقتضى أن يقدر له العامل.
تنبيه
على النحويّ بيان مراتب الكلام ؛ فإن مرتبة العمدة قبل مرتبة الفضلة ، ومرتبة المبتدأ
__________________
(١) الداني في التيسير ص : ٢٠٨.
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوعة.
(٣) في المطبوعة : (قوله).
(٥) ساقطة من المخطوطة.
(٦) ساقطة من المخطوطة.
(٧) تصحّفت في المخطوطة إلى : (العمل).
(٨) في المخطوطة : (على).