وقراءة بعضهم : لكن هو الله (١) (الكهف : ٣٨) والفرق بينهما أن التام قد يجوز أن يقع فيه بين القولين مهلة وتراخ في اللفظ ، والناقص لا يجوز أن يقع فيه بين جزأي القول إلا قليل لبث ، والذي دونهما لا لبث فيه ولا مهلة أصلا.
ثم إن كلاّ (٢) من التام والناقص ينقسم في ذاته أقساما ، فالتامّ أتمّه ما لا يتعلق اللاحق فيه من القولين بالسابق معنى ، كما لا يتعلق به لفظا ، وذلك نحو قوله تعالى : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ* لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (الشورى : ٤٨ و ٤٩) وشأن ما يتعلق فيه أحد القولين بالآخر معنى وإن كان لا يتعلق به لفظا ، وذلك كقوله : (يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (يس : ٣٠) وتعلّق الثاني فيه بالأول تعلّق الحال بذي الحال معنى.
ونحو قوله تعالى : (إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ) (الأنبياء : ٥٢) إلى قوله : [٥٥ / أ] (فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً) (٣) (الأنبياء : ٥٨) إلى قوله : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا) (الأنبياء : ٦٣) ، فهذه الحال قد عطف بعضها على بعض في المعنى ، وظاهر كلّ واحد منهما الاستئناف في اللفظ.
ونحو قوله تعالى : (فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ* بَلْ قالُوا) (الزخرف : ٢١ و ٢٢) ، وأنت تعلم أن «بل» لا يبتدأ بها.
ونحو [قوله] (٤) (وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً) (الواقعة : ٧) فإن ما بعده منقطع عنه لفظا إذ لا تعلق له من جهة اللفظ لكنه متعلق به معنى ، وتعلقه قريب من تعلق الصفة بالموصوف إلى قوله : (وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ) (الواقعة : ٩٤).
ونحو قوله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ) (الحج : ١) ؛ فإن الوقف عليه تامّ ، ولكنه ليس بالأتمّ ، لأن ما بعده وهو قوله تعالى : ([إِنَ] (٥) زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) ، كالعلة لما قبلها فهو متعلق به معنى ، وإن كان لا تعلّق له من جهة اللفظ ، فقس على هذا ما سواه ، فإنه أكثر أنواع
__________________
(١) هي بحذف الألف من (لكنا) وسكون النون قراءة الكسائي (تفسير القرطبي ١٠ / ٤٠٤).
(٢) عبارة المخطوطة (ثم إن كل واحد).
(٣) اضطربت العبارة في المخطوطة فوقعت هذه الآية عقب التي تليها.
(٤) ليست في المطبوعة.
(٥) ليست في المخطوطة.