وحيث وجدت «إن» وبعدها اللام المفتوحة كما في هذه المسألة فاحكم عليها بأن أصلها التّشديد. وفي هذه اللام خلاف يأتي في باب اللام ، إن شاء الله تعالى.
الرابع : أن تكون زائدة كقوله [من البسيط] :
٢٣ ـ ما إن أتيت بشيء أنت تكرهه |
|
إذن فلا رفعت سوطي إليّ يدي |
وأكثر ما زيدت بعد «ما» النّافية إذا دخلت على جملة فعليّة كما في البيت ، أو اسميّة كقوله [من الوافر] :
______________________________________________________
إن بعد تخفيفها أن يدخلوها غالبا على ما هو مشابه لها لفظا ومعنى ، وهو الفعل الماضي لهذه المناسبة (وحيث وجدت إن) بتخفيف النون (وبعدها اللام المفتوحة ، كما في هذه الأمثلة فاحكم) على مذهب البصريين (بأن أصلها التشديد) فإن قلت : ما هذه الفاء من قوله فاحكم؟ قلت : هي فاء الجواب إما على إجراء كلمة الظرف مجرى كلمة الشرط كما ذكره س (١) نحو : (وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ) [الأحقاف : ١١] وإما على جعله من باب (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) (٥) [المدثر : ٥] ، أي : مما أضمر فيه أما ، وقد يجيء كلام في هذا المعنى بعد (وفي هذه اللام خلاف يأتي في باب اللام إن شاء الله تعالى.
و) الوجه (الرابع) بإدخال العاطف هنا ولم يفعل ذلك في الثاني ولا الثالث (أن تكون زائدة كقوله) أي قول النابغة الذبياني :
والمؤمن العائذات الطير يمسحها |
|
ركبان مكة بين الغيل فالسند (٢) |
(ما إن أتيت بشيء أنت تكرهه |
|
إذن فلا رفعت سوطي إلى يدي) |
أراد بالمؤمن الله تعالى ، والعائذات اللائذات الملتجئات منصوب على المفعول بالمؤمن ، والطير بدل منه أو عطف بيان ، والغيل بغين معجمة مكسورة فمثناة تحتية ساكنة فلام ، والسند بسين مهملة ونون مفتوحتين ودال مهملة ، وهما أجمتان كانتا بين مكة والمدينة ، يريد أن ركبان مكة لا تأخذ هذه الطير ولا تصيدها بل تمسحها ولا تضرها ، حلف بما ذكر أنه لم يأت شيئا يكرهه الممدوح ، فإن فعل ذلك فشلت يده حتى لا تقدر على رفع السوط.
(وأكثر ما زيدت بعد ما النافية إذا دخلت على جملة فعلية كما في البيت) الذي أنشد المصنف صدره (أو) جملة (اسمية كقوله :
__________________
(١) كذا في الأصل ولعل المراد بها سيبويه.
(٢) البيتان من البحر البسيط ، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص ٢٥ ، وخزانة الأدب ٥ / ٧١ ، وبلا نسبة في خزانة الأدب ٩ / ٣٨٦.