خطبة المؤلّف
بسم الله الرّحمن الرّحيم
أما بعد حمد الله على إفضاله ،
______________________________________________________
[خطبة المؤلّف]
(بسم الله الرّحمن الرحيم أما بعد حمدا على إفضاله).
الظرف الأول متعلق عند بعض إما بفعل الشرط المحذوف ، أي : مهما يكن من شيء بعد ، حمد الله تعالى ، أو بأما لنيابتها عن فعل الشرط ، وعند بعض بالفعل الواقع بعد الفاء في الصلة أو الصفة ، وهو تقترح ، أي : مهما يكن من شيء ، فإن أولى ما تقترحه القرائح بعد حمد الله تعالى كذا ، بناء على أن التقديم لغرض مهم لم يلتفت معه إلى وجود المانع في غير هذا الموضع ، كما ستعرفه إن شاء الله تعالى.
والحمد : مخفوض بإضافة الظرف إليه وهو مصدر مضاف إلى المفعول ، وقيل في تعريفه : هو الوصف بالجميل على جهة التعظيم والتبجيل ، ولا يخفى أن لفظ الوصف إذا أطلق لم يتبادر منه إلا فعل اللسان كما في قولك : وصفت فلانا بكذا ، وعليه فيكون مورد الحمد هو اللسان فقط ، ولا شك أن الجميل يتناول الإنعام وغيره ، وأن الوصف الواقع في التعريف لم يقيد بكونه في مقابلة النعمة ، وعليه فيكون متعلق الحمد أعم من النعمة ، إذ قد يكون واقعا بإزائها ، وقد لا يكون ، وهذا بخلاف الشكر في الأمرين فإنه يكون بالقول ، وبالفعل ، وبالاعتقاد ، ولا يكون إلا في مقابلة النعمة وحدها ، فظهر أن بينهما عموما وخصوصا من وجه على ما هو المشهور ، وإنما اشترط كون ذلك الوصف على جهة التعظيم ظاهرا وباطنا ، لأنه إذا عري عن مطابقة الاعتقاد ، أو خالفته أفعال الجوارح لم يكن حمدا حقيقة ، بل استهزاء وسخرية ، وهذا لا يقتضي أنّ الحمد كما يكون باللسان يكون بالجنان ، وبغير اللسان من الجوارح وهو خلاف ما مرّ من أنه لا يكون إلا باللسان فقط ، لأن اعتبار كل من فعل الجنان والأركان إنما هو من حيث كونه شرطا لكون فعل اللسان حمدا فلا إشكال.
وعطف التبجيل على التعظيم من قبيل العطف الواقع بين المترادفين ، وفائدته تقرير المعنى