فتكون في موضع رفع ، نحو : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ) [الحديد : ١٦] ، (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً) [البقرة : ٢١٦] الآية ، ونحو : «يعجبني أن تفعل» ، ونصب نحو : (وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى) [يونس : ٣٧] ، (يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ) [المائدة : ٥٢] ، (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها) [الكهف : ٧٩] ، وخفض ، نحو : (أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا) [الأعراف : ١٢٩] ، (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) [المنافقون : ١٠] ، (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ) [الزمر : ١٢] ، ومحتملة لهما ، نحو : (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي) [الشعراء : ٨٢] ، أصله : في أن يغفر لي ، ومثله : (أَنْ تَبَرُّوا) [البقرة : ٢٢٤] إذا قدّر : «في أن تبرّوا» أو «لئلّا تبرّوا» ،
______________________________________________________
دال على اليقين (فتكون) أي فقد تكون هي وصلتها (في موضع رفع نحو (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ)) [الحديد : ١٦] ونحو (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) [البقرة : ٢١٦] (و) في موضع (نصب نحو (وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللهِ)) [يونس : ٣٧] كذا أعربه غير واحد على أنه خبر كان ، فإن يفترى مقدر بمصدر والمصدر مقدر باسم مفعول كما ذكر المصنف في أواخر الكتاب ، وإنما احتيج إلى تقدير المصدر اسم مفعول ليصح الإخبار ، وجعله من باب الإخبار بالمصدر على وجه المبالغة لا يتأتي في هذا المحل ، وقال الرضي : إن هذه هي المضمرة بعد لام الجحود محذوفة ، وهما متعاقبان فإن أثبت اللام لم تأت بأن وإن حذفت أن لم تأت باللام ، وعليه فيحتمل المحل النصب والجر كنظائره ، وقدر أبو البقاء الخبر ممكنا فيكون المحل رفعا على أنها وصلتها فاعل بالمحذوف ، قلت : ولو قيل بأن كان تامة وأن يفترى في محل رفع على أنه بدل اشتمال من فاعلها ، والمعنى وما وقع افتراء هذا القرآن لم يكن ثم حذف ولا افتقار إلى تأويل ، ونحو (يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ) [المائدة : ٥٢] ونحو (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها) [الكهف : ٧٩].
وفي موضع (خفض نحو : (أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا) [الأعراف : ١٢٩] ونحو : (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) [المنافقون : ١٠]) ونحو (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) [الزمر : ١٢] وسيأتي الكلام على هذه اللام في حرفها هل هي زائدة أولا (و) تكون أن مع صلتها (محتملة لهما) أي لموضع النصب ولموضع الخفض (نحو : (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ) [الشعراء : ٨٢] أصله في أن يغفر لي ، ومثله أن تبروا) في الآية المتقدمة لكن ليست مثليتها للمحتملة للنصب والخفض على الإطلاق وإنما هي (إذا قدّر في أن تبرّوا) والجار على هذا التقدير متعلق بعرضة لما فيه من معنى الاعتراض ، أي : ولا تجعلوا الله معترضا في البر ، أي : إنه عرضة (أو) إذا قدر (لئلا تبروا) فحذف الجار والنافي جميعا ، وحينئذ يتعلق الجار بالفعل المنهي عنه أي : ولا تجعلوا الله لأجل ترك البر والتقوى ، والإصلاح عرضة لأيمانكم أي : حاجزا ومانعا من ترك ما حلفتم عليه بها وإتيان الذي هو خير ، فعلى أحد هذين التقديرين