وهل المحلّ بعد حذف الجارّ جرّ أو نصب؟ فيه خلاف ، وسيأتي ، وقيل : التقدير : «مخافة أن تبرّوا».
واختلف في المحل من نحو : «عسى زيد أن يقوم» فالمشهور أنه نصب على الخبريّة ، وقيل : على المفعوليّة ؛ وإنّ معنى «عسيت أن تفعل» : قاربت أن تفعل ، ونقل عن المبرّد ؛ وقيل : نصب بإسقاط الجارّ أو بتضمين الفعل معنى «قارب» ، نقله ابن مالك عن سيبويه ، وإنّ المعنى : دنوت من أن تفعل ،
______________________________________________________
يحتمل المحل الجر والنصب (١) ، وأما إذا جعل أن تبروا عطف بيان على الإيمان كما مر فالمحل جر ليس إلا وإذا جعل مبتدأ كما ذهب إليه الزجاج فيما تقدم فالمحل رفع ليس إلا ، ولما كانت الآية محتملة لهذه الأمور ولم تتعين مثالا لما يحتمل النصب والخفض فقط فصلها عما سبقها من المثل بقوله : ومثله أن تبروا (وهل المحل بعد حذف الجار جر أو نصب فيه خلاف) مرت الإشارة إليه أول الكتاب (وسيأتي) الكلام عليه مشبعا في آخر الباب الرابع ، فإن قلت كيف ساغ الإخبار عن المحل بقوله جر أو نصب؟ قلت : لأنه على حذف مضاف ، إما من الابتداء أي : وهل إعراب المحل جر أو نصب ، وإما من الخبر أي : وهل المحل محل جر أو محل نصب ، أو ذو جر أو ذو نصب وهذا أمر سهل وإن استصعبه بعض المدعيين لعلم النحو بهذه البلاد.
(وقيل : التقدير مخافة أن تبروا) فيكون المحل نصبا ليس إلا ؛ لأن المضاف لما حذف أقيم المضاف إليه مقامه ، فأعطي إعرابه ، وإبقاؤه على الجر بعد حذف المضاف شاذ ، فلا يرتكب تخريج القرآن عليه لغير ضرورة.
(واختلف في المحل من نحو عسى زيد أن يقوم ، فالمشهور أنه نصب على الخبرية) ، وأن عسى بمثابة كان ترفع الاسم وتنصب الخبر ، ويقدر على هذا القول في التركيب المذكور ونحوه مضافا إما من الاسم أي : عسى حال زيد أن يخرج ، أو من الخبر أي : عسى زيد صاحب أن يخرج ، وفي هذا التقدير تكلف إذ لم يظهر المضاف الذي قدروه يوما من الدهر لا في الاسم ولا في الخبر.
(وقيل : على المفعولية وإن معنى عسيت أن تفعل قاربت أن تفعل) فهي فعل متعد إلى واحد كضرب ، وليست من أخوات كان ، (ونقل) هذا القول (عن المبرد وقيل : نصب بإسقاط الجار أو بتضمين الفعل معنى قارب نقله ابن مالك عن سيبويه ، وإن المعنى دنوت من أن تفعل) هذا هو الأصل ثم حذف الجار توسعا ، فصار المحل نصبا على أحد القولين في المسألة
__________________
(١) العبارة في حاشية الدسوقي كما يلي : فعلى هذين التقديرين يحتمل اه ص ٤٧.