و «أن» هذه موصول حرفيّ ، وتوصل بالفعل المتصرّف ، مضارعا كان كما مرّ ، أو ماضيا نحو : (لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا) [القصص : ٨٢] ، (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ) [الإسراء : ٧٤] أو أمرا كحكاية سيبويه : «كتبت إليه بأن قم». هذا هو الصحيح.
______________________________________________________
وفي «حواشي التسهيل» للمصنف قال ابن الخباز في «شرح الإيضاح» ويقرأ ولا تحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم بالتاء ، وهو على على حذف مضاف أي : شأن الذين ، كقوله :
وما حسبتك أن نجينا
أي : وما حتسبت شأنك المجيء (وإن هذه) وهي الثنائية بحسب الوضع (موصول حرفي) والمراد به عندهم ما أول مع ما يليه بمصدر ، زاد ابن مالك ولم يحتج إلى عائد احترازا من الذي إذا وقع صفة مصدر نحو : (وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا) [التوبة : ٦٩] إذ التقدير : كالخوض الذي خاضوه ، وتحرير الكلام على هذه الزيادة مذكور في شرحي على التسهيل فراجعه إن شئت.
(وتوصل بالفعل المتصرف) لا الجامد نحو : عسى (مضارعا كان كما مر أو ماضيا نحو : (لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا) [القصص : ٨٢]) ونحو ((وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ) [الإسراء : ٧٤] أو أمرا كحكاية سيبويه كتبت إليه بأن قم ، هذا هو) القول (الصحيح) وصرح به في «الكشاف» عند تفسير قوله تعالى في سورة يونس : (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ١٠٤ وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً) [يونس : ١٠٤ ، ١٠٥] فقال : فإن قلت : عطف قوله : أن أقم على أن أكون فيه إشكال ؛ لأن أن لا تخلو من أن تكون التي للعبادة ، أو التي تكون مع الفعل في تأويل المصدر ، فلا يصح أن تكون للعبادة وإن كان الأمر مما يتضمن معنى القول ؛ لأن عطفها على الموصول يأبى ذلك ، والقول بكونها موصولة مثل الأولى لا يساعد عليه لفظ الأمر وهو أقم ؛ لأن الصلة حقها أن تكون جملة تحتمل الصدق والكذب.
قلت : قد سوغ سيبويه أن توصل أن بالأمر والنهي ، وشبه ذلك بقولهم : أنت الذي تفعل على الخطاب ؛ لأن الغرض وصلها بما تكون معه في معنى المصدر ، والأمر والنهي دالان على المصدر دلالة غيرهما من الأفعال ، إلى هنا كلامه ، ومعناه أن وجه التشبيه الذي ذكره سيبويه هو النظر إلى المعنى في الجانبين ، وذلك أن قولهم : أنت الذي تفعل بتاء الخطاب منظور فيه إلى المعنى من حيث إن الذي خبر لأنت فهو بمعناه ، فعاد الضمير إليه من الصلة بالخطاب نظرا إلى المعنى ، وإلا فالأصل أن يكون ضميره غائبا إذ هو اسم ظاهر فطريقه طريقة الغيبة ، وكذا وصل أن المصدرية بالأمر والنهي منظور فيه إلى المعنى من حيث كان الغرض أن تكون هي وما بعدها في تأويل المصدر ، وهو حاصل سواء كان الفعل خبريا أو إنشائيا.